حدودنا البحرية بين القانون والسياسة
إبراهيم الدباشي
فجأة أصبحت حدودنا البحرية محط أنظار العالم وموضوعا لاتفاقات بين بعض جيراننا، بل إننا لظروف سياسية قائمة دخلنا في اتفاق مع إحدى هذه الدول التي قد لا توجد أدلة كافية على أنها تحدنا.
لقد شهدنا في النهاية توقيع اتفاقين أحدهما بين حكومة الوفاق وتركيا والثاني بين إيطاليا واليونان، وكلاهما يمس مصالحنا ويحدد حدودنا، ولكن لا أحد منهما يوضح الأسس القانونية التي وضع على أساسها خط الحدود، وقد لا يصمد أي منهما أمام القضاء الدولي.
صحيح أننا لم نصادق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 بسبب وجهة نظرنا في خليج سرت، وصحيح أن تركيا لم تفعل ذلك أيضاً بسبب عدم موافقتها على المناطق الاقتصادية الخالصة للجزر، لكن أحكام الاتفاقية أصبحت قانونا دوليا نافذا، وهي المطبقة في المحاكم في كل الخلافات على الحدود البحرية، وقد رضينا بها وتحججنا بها أمام محكمة العدل الدولية في خلافنا على الحدود البحرية مع مالطا وتونس، ويفترض أننا أصبحنا نملك خبرة كبيرة في هذا المجال، ونستطيع من خلال القانونيين الليبيين الذين حضروا أو شاركوا في مداولات المحكمة، وتطبيق ما طبق من معايير في حكم المحكمة عند تحديد حدودنا مع مالطا، أن نحدد بدقة حدودنا مع الجزر اليونانية، وما إذا كانت المناطق الاقتصادية الخالصة لقبرص واليونان متلاصقة أم أن بينها فراغ يمكن أن يعود إلى تركيا لتصل من خلاله إلى الحدود الليبية.
ونحن في أسوأ فترة من تاريخنا المعاصر تمنيت ألا يورط السياسيون أنفسهم في إبرام أي اتفاقات أو التعليق عليها لا بالسلب ولا بالإيجاب قبل أن تتوافر دراسة واقعية دقيقة من قانونيين ليبيين حول حدودنا وفقا لاتفاقية قانون البحار والمعايير المطبقة في تحديد حدود الجزر البحرية، خاصة أن المحكمة عند تطبيق مبدأ الإنصاف لم تعامل مالطا على قدر المساواة مع ليبيا.
هل يمكن أن نرى دراسة مستقلة من أولئك الذين مثلونا ضمن فريق الدفاع في قضيتنا مع مالطا وتونس؟ أم أنهم عاجزين لأنهم كانوا مجرد ديكور لفريق الدفاع الأجنبي الذي استأجرناه؟