حتى أنتِ يا مَعدْلَة !؟
خاص – عبد الناصر خالد
تعود بي الذاكرة إلى مثل هذه اليوم من عام 2010، حين كنت أستيقظ من النوم عند الساعة 9:00 صباحاً على أصوات السيارات عبر نافذة غرفتي المطلة على جوازات الصريم في طرابلس، في تلك اللحظة أهمّ لأغسل وجهي وأرتدي ملابسي وأترجل مسرعاً إلى مقهى يقع في رأس الشارع لأجل موعد هام لطالما اعتدت على القيام به قبل ذهابي إلى العمل، حيث احتسي قهوتي المفضلة(المَعدْلَة) وأشتمّ رائحتها الزكية التي تمدني بالانتعاش، لبَدء يومٍ جميل تملؤه الطاقة والنشاط ، (المَعدْلَة) التي أحببتها كما أحبها الكثيرون هي خليط بين المكياطة والنص نص، ولا يتعدى سعرها 500 درهم وإذا ما اصطحبت معها شيشة المياه الصغيرة فإنني سأضيف 250 درهما على السعر السابق ما يعني أن إجمالي ما دفعته في ذلك الصباح لا يتخطى ديناراً كاملاً، فالوضع الاقتصادي في تلك السنة كان ببساطة لا يعاني من أزمات مالية مثلاً، فسعر صرف الدولار كان لا يتجاوز ديناراً و300 درهم، وصادرات النفط كانت تسير بوتيرة سلسة ووفق المعتاد، والمصارف التجارية تنعم بتوافر السيولة النقدية تسحب ما تشاء وفي أي وقت كان، أما أسعار المواد الغذائية والسلع والملابس وحتى الأدوية فهي في متناول كل شخص فقيراً كان أم غنياً، أما في وقتنا الحاضر ونحن على أبواب عام 2018 الجديد، فلم أعد أقوى على شراء (المَعدْلَة) لأسباب عدة، فقد وصل سعرها اليوم إلى دينار و500 درهم؛ أي أنه ارتفع بنحو 3 أضعاف عن سعرها السابق، وإذا ما رغبت في إضافة شيشة المياه كما جرت العادة سأضطر إلى دفع دينارين، ولقاء متعة يوم كامل معها سأقوم بدفع هذا المبلغ 3 مرات أي 6 دنانير، زد على ذلك وجبة البريوش وعلبة السجائر ووجبة الغداء، لتصل التكلفة الإجمالية وخلال 12 ساعة إلى 17.500 ديناراً يومياً، أما خلال 10 أيام فتصل القيمة إلى 175 دينارا، وفي 30 يوماً ستصل الفاتورة إلى 525 ديناراً، وبالمقارنة مع ما أتقاضاه شهرياً من أجرٍ مقابلَ أداء وظيفتي الحكومية البالغ 728 ديناراً، سأحتفظ في نهاية المطاف بـ 203 دنانير فقط، هذه القيمة لن تكفي حتى لشراء مزيد من (المَعدْلَة) خلال ذات الشهر ..