حب ليبيا .. أمل في زحام الأوجاع
خاص | محمد حديد
سألني أحدهم .. من أي قبيلة أنت؟ فأجبته : أنا من ليبيا .
تفتح الذاكرة نافذتها على سنوات خلت، وترمي بثقلها حروفا تحاول أن تستجمع قواها أمام تلك الأيام التي صورها العقل الباطن خيالا، ولكنها تبقى في حقيقة الأمر واقعا لا مفر منه ..
من 2011 وحتى 2018 سبع سنوات وصفت بالعجاف ولست أراها كذلك رغم الألم والرعب الذين عشتهما فترة من الزمن نتيجة لتهديدات من بعض الأصدقاء بالقتل واتهامات من البعض لي بالخيانة وأقاويل ادعاها زورا من كنت أرى فيهم زملاء لي فترة عملي بالتلفزيون الرسمي سنة 2009 و 2010 و 2011، ومع ذلك أرى في ليبيا هي الأجمل من كل أقاويل وتهم وحتى من فبراير وسبتمبر . كنت أرى الأمل يسود على الألم والسعادة تفوق على الوجع رغم ضيق العيش نتيجة الانقسامات والصراعات الجهوية والقبيلة و السؤال الذي يُسأل،من أي مدينة أنت ومن أي قبيلة ؟
كان التفاؤل هو سيد الموقف عندي كلما أرى ابتسامة الأطفال في الساحات وفرحتهم بلعبة العيد، كنت أقلب الحلم إلى واقع أمامي رغم رداءة المشهد الذي صوره من أسميتهم بالمتطرفين الثوريين الذين ركبوا صهوة فبراير بالقتل والتخويف والاختطاف والابتزاز .
رأيت حب ليبيا في نظرات أمي وعائلتي وأملهم الدائم في أن البلاد ستعود إلى الأفضل، رأيته من شباك الطائرة التي أقعلت بي ذات صباح في أول رحلة لي خارج البلاد، رأيت حبها في ضحكات أصدقائي وزملائي في العمل .
ليبيا التي أحب لا تحتاج إلى مقال يكتب كل يوم أو رواية أو شعر أو خطاب في ساحة الشهداء، فقط ماتحتاجه هو ابتسامة في وجه أخيك وعفو عند المقدرة وصفح وتصالح ومنها ينطلق البناء والقانون وتتحقق العدالة وتبنى المؤسسات وتنمو الحضارة بالتعليم والفكر والصناعة ولن تبنى دولة بدون ذلك .
مادامت الأحقاد مستمرة والضغائن طاغية على القلوب فلن تنفع البلادَ شعاراتٌ يتم ترديدها كل يوم، فليس الحب تحييه القنابلُ والبنادق والبوابات، وليست الوطنية مختزلة في تقليد جيفارا بالقبعة واللحية والسيجارة، ولن تأتي رياح التغيير بما تشتهي النعرات والتفاخر بالقبيلة ونظرات الازدراء إلى الآخرين، الانتماء للوطن فقط هو من يبني شعبها الذي أراد أن يحيا وتحيا ليبيَاه.