جرائم مرعبة وتورّط حكومي.. تقرير أميركي يكشف فظائع انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا
أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تقريرها الخاص بحقوق الإنسان حول ليبيا لعام 2021، والذي سلط الضوء على مشاكل عدة متعلقة بحقوق الإنسان بناء على تقارير موثوقة.
وتضمنت تلك التقارير بلاغات عن عمليات قتل تعسفية على أيدي جماعات مسلحة مختلفة، إضافة إلى الإخفاء القسري من قبل التشكيلات المسلحة المختلفة، والتعذيب الذي تمارسه التشكيلات المسلحة من جميع الجهات، والظروف القاسية والمهددة للحياة في السجون ومرافق الاحتجاز، ومشكلات خطيرة تتعلق باستقلال القضاء، وقتل المدنيين وتجنيد الأطفال أو استخدامهم في النزاع، والقيود الخطيرة على حرية التعبير والإعلام، بما في ذلك العنف ضد الصحافيين، والتدخل الجوهري في حرية تكوين الجمعيات، والإعادة القسرية للاجئين وطالبي اللجوء.
وأفاد التقرير بارتكاب انتهاكات من قبل أطراف وتشكيلات مدعومة حكوميا، وسط عجز القضاء عن التحقيق وملاحقة مرتكبي هذه الانتهاكات، بالإضافة إلى ضلوع تشكيلات خارجية أبرزها مجموعة فاغنر بتجنيد وتدريب وإرسال عملاء عسكريين خاصين لتأجيج العنف ونهب الموارد الطبيعية وترهيب المدنيين في انتهاك للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما أشار التقرير إلى أن العشرات من نشطاء المجتمع المدني والسياسيين والقضاة والصحافيين قد اختفوا قسريًا على أيدي أجهزة الأمن أو الجماعات المسلحة في غرب وشرق ليبيا واحتُجزوا بسبب إبداء تعليقات أو متابعة أنشطة يُنظر إليها على أنها غير موالية للسلطات الحاكمة.
ونوه إلى أن حكومة الوحدة موّلت تشكيلات مسلحة؛ بهدف بسط سيطرتها على عدد من المناطق والبقاء في السلطة.
كما ذكر التقرير أن مصادر موثوقة أشارت إلى أن الموظفين الذين يديرون السجون ومراكز الاحتجاز الحكومية وخارج نطاق القانون قاموا بتعذيب المحتجزين في الوقت الذي كانت به الشرطة القضائية تسيطر على بعض المنشآت، واعتمدت حكومة الوحدة الوطنية على التشكيلات المسلحة لإدارة السجون ومراكز الاحتجاز.
واحتُجز عدد غير معروف من الأفراد دون إذن قضائي في منشآت أخرى تخضع اسميًا لسيطرة وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع، أو في منشآت خارجة عن القانون تسيطر عليها تشكيلات مسلحة تابعة لحكومة الوحدة الوطنية أو الجيش، وسط أنباء عن المعاملة القاسية والمهينة في المرافق الحكومية، بما في ذلك الضرب والصعق بالصدمات الكهربائية والحرق والاغتصاب. وورد أن هذا التعذيب كان في كثير من الحالات؛ لغرض ابتزاز عائلات المحتجزين.
كما احتُجز عدد غير معروف من اللاجئين والمهاجرين الآخرين في مرافق احتجاز خارج نطاق القانون، مثل معسكرات المهربين.
وقامت تشكيلات مسلحة إجرامية وغير حكومية تسيطر على هذه المنشآت بتعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم، بشكل روتيني، وتعريضهم للقتل التعسفي والاغتصاب والعنف الجنسي والضرب والسخرة والحرمان من الطعام والماء، بحسب عشرات الشهادات التي تمت مشاركتها.
كما ذكرت بعثة تقصي الحقائق أنها وجدت مؤشرات موثوقة على أن الجهات الحكومية وأعضاء التشكيلات المسلحة استخدموا أيضًا العنف الجنسي كأداة قهر أو إذلال لإسكات المنتقدين وأولئك الذين يبدو أنهم يتحدون الأعراف الاجتماعية.
على سبيل المثال، ذكرت بعثة تقصي الحقائق أنها تلقت عدة تقارير عن اختطاف نشطاء حقوقيين وتعرضهم للعنف الجنسي لردعهم عن المشاركة في الحياة العامة.
كما تم توثيق جرائم اغتصاب وعنف ضد سجينات في المنطقة الشرقية، إضافة إلى عدد من المهاجرات داخل مراكز الاحتجاز، فيما تلقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تقارير عديدة عن تعرض نساء للدعارة القسرية في السجون أو مرافق الاحتجاز في ظروف ترقى إلى مستوى العبودية الجنسية.
وأشار التقرير إلى أن حكومة الوحدة اعتقلت أفرادًا وشخصيات ممن يشكّلون تهديدًا لمصالحها داخل سجن معيتيقة بطرابلس دون توجيه أي اتهامات لهم، ونفذت بعض الجماعات المسلحة عمليات اعتقال غير قانونية وتعسفية دون عوائق.
وساهم انخفاض مستوى المراقبة الدولية في عدم وجود إحصاءات موثوقة عن عدد حالات الاحتجاز التعسفي.
وأضاف أن معظم المعتقلين لم يحصلوا على الحق في التواصل مع محامٍ، بالإضافة إلى إجراء محاكمات عسكرية ومدنية دون استيفاء المعايير الدولية، مشيرًا إلى أن عددًا من القضاة والمدعين العامين يواجهون التهديد والترهيب والعنف، وهو ما يهدد استقلالية القضاء، كما لم تتخذ حكومة الوحدة الوطنية خطوات لفرز المحتجزين بشكل منهجي لمحاكمتهم أو إطلاق سراحهم.
وتطرق التقرير إلى موضوع تجنيد الأطفال، حيث رصدت تقارير قيام تشكيل مسلح تابع لحكومة الوحدة الوطنية في الغرب بتجنيد صبي يبلغ من العمر 15 عامًا للقتال لصالحها اعتبارًا من عام 2019.
وعلى الرغم من أن سياسة الحكومة تطلبت من المجندين إتمام سن 18 عاما على الأقل؛ لم يكن لدى التشكيلات المسلحة غير الحكومية سياسات رسمية تحظر هذه الممارسة، ولم تبذل حكومة الوحدة الوطنية جهودًا ذات مصداقية للتحقيق في تجنيد الأطفال أو استخدامهم أو معاقبتهم، كما وردت أنباء عن قيام مجموعات مرتزقة سودانية وتشادية في الجنوب بتجنيد الأطفال أو استخدامهم.
وحول حرية التعبير، قال التقرير إن تشكيلات مسلحة سبق أن قامت بتهديد أو قتل النشطاء، كما ساهم تعميق مناخ الخوف بتوفير الغطاء للتشكيلات المسلحة لاستهداف المعارضين علانية والإفلات من العقاب.
وصرحت منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية بأن المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء يواجهون تهديدات مستمرة تتمثل في الخطف والقتل والترهيب، كما تلقى العديد من موظفي منظمات المجتمع المدني تهديدات، بما في ذلك التهديدات بالقتل، بسبب أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان، ويعتقد العديد منهم أنهم كانوا تحت المراقبة من قبل أجهزة المخابرات.
كما أشار التقرير إلى انتشار الفساد الحكومي في مرافق الدولة، حيث شارك المسؤولون، في كثير من الأحيان مع الإفلات من العقاب، في ممارسات الفساد مثل الكسب غير المشروع والرشوة ومحاباة الأقارب. وكانت هناك تقارير عديدة عن الفساد الحكومي، بما في ذلك حالات غسل الأموال وتهريب البشر وأنشطة إجرامية أخرى.
واختتم التقرير بالإشارة إلى معايير الصحة والسلامة المهنية والتي لم تقم الحكومة بتطبيقها،حيث حاولت بعض الصناعات، مثل قطاع النفط، الحفاظ على المعايير التي وضعتها الشركات الأجنبية. إلا أن الحكومة لم تقم بفرض قوانين تحمي العمال وتلزم بتطبيق هذه المعايير؛ مما عرض العشرات منهم للخطر دون الحصول على أي تعويضات، ودون محاسبة المسؤولين عن تعريضهم للخطر.