تقرير CNN ضد ليبيا وبيوت الزجاج !
عبدالوهاب قرينقو
لمجرد تقرير مشبوه لقناة السي إن إن الأميركية عن مجرمين يبيعون مهاجرين، قامت الدنيا ولم تقعد وفي زمنٍ سريع تكالبت فيه أمم متسلطة أو مرتبكة وأخرى مأمورة ومتورطة على المآدبة .. وما الوليمة إلا ليبيا، البلاد الجريحة التي تركها المجتمع الدولي لمصيرٍ غامض مذ ناصرها في 2011 .
محمد يوسفو رئيس الجارة الجنوبية النيجر أول مَن هرع ليصب جام غضبه على ليبيا وقد تناسى أن بيته من زجاج ليرمي جيرانه بحجارة التضخيم والتجني فذهب بعيداً بتحريض المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي وهو من تربض شمال بلاده قاعدة فرنسية على الخط الحدودي مع ليبيا تتوسط المسافة بين سبها شمالاً وأقديس النيجرية أحد أهم بؤر تجمع المهاجرين غير القانوننين القادمين من أواسط القارة الملكومة ..، قاعدة فرنسية تمر على مرآي من منتسبيها أفواجُ المهاجرين وأرتال الشاحنات المحملة بالفقراء كل سبت وخميس وبمباركة يوسوفو.
. . . وعلى سبيل المثال لا الحصر، في أكبر مراكز ايواء اللاجئين في العاصمة طرابلس وقبل شهر من تقرير السي ان ان المزعوم نظمت السلطات دورياً في كرة القدم وصفه البعض بكأس أمم أفريقية مصغرة!، للترفيه عن المهاجرين والترويح عنهم وقد نقلته وكالة رويترز وبثته تلفزيوناتٍ عِدة وغير ذلك الكثير من المعاملة الحسنة في المراكز الرسمية، لكن الجميع تناسى ذلك ليدخلوا في حملة الدعاية والتشويه بتحويل حادثة قد تكون عابرة أو ملفقة إلى ظاهرة وتحميل وزرها لشعبٍ كامل لاتقل معاناته كثيراً عن معاناة إخوته من جنوب القارة القاصدين سراب الحلم الأوروبي عبر متوسط الغرق والآجال .. شعب ليبي يعاني سواده الأعظم من شح السيولة والغلاء الفاحش وبالكاد يؤمن فيه رب الأسرة حليب أطفاله فكيف به يشتري إنساناً ليستعبده .
. . . وفي حلقة من برنامج نقاش بثتها قناة فرنسا 24 استضافت خبيرا مصريا وناشطة ليبية وإفريقيا حقوقيا يتحدث بالعربي الفصيح ويعتقد أن الليبيين كرهوا الأفارقة لموقفهم المؤيد للعقيد القذافي والضيف الأفريقي كما عُرِفَ بهِ هو أحد منظمي مظاهرات باريس وذكر أن المتظاهرين حملوا صور القذافي الذي يرونه بطلاً ما يعني تسييس حتى مسيرات الإدانة المنجرة خلف تقرير السي ان ان .
. . . أبعاد تتناسلها أبعاد أخرى ! .. وحتى رئيس مالي الذي نبه إلى أن ليبيا ضحية المجتمع الدولي وأن الغرب تخلوا عنها وتركوها تغرق في الفوضى – وأن لا حكومة واضحة فيها يمكن التعامل معها بالخصوص – لم يتأخر في أن يطلب من الاتحاد الأوروبي معونات مالية بقيمة خمسمائة مليون يورو لمساعدة بلده في ملف الهجرة !.. كل يغني على ليلاه وكل يريد أن يأكل من مائدة الفوضى الليبية.
. . . وفي الداخل الليبي ثمة أصوات وطنية عدة عبر وسائل الإعلام حذرت من مغبة الانجرار وراء الحملة وأن ما يُراد بليبيا أبعد من مجرد هجرة قانونية واتجار بالبشر بل يتعداه إلى مخططاتٍ باتت مفضوحة لتوطين ملايين الأفارقة في ليبيا ذات الرقعة الشاسعة والفراغ السكاني والثروات الطائلة . . يحدث هذا فيما يتواصل الشقاق السياسي والانقسام الليبي الكبير ويتبادل المسؤولون الاتهامات ورمي كل تيار وطرف بالكرة في ملعب الآخر فيما تلعب الأطراف الدولية بوطنٍ لا يبدو لأزمته من انفراج قريب.