ترجمة 218
نشر موقع (Open Democracy) تقريرا حول ما يجري في ليبيا الآن جاء في مقدمته: (إن ليبيا أصبحت جزءا من حرب جيوسياسية، كل من يشاركون فيها لهم مصالحهم الخاصة، لكن الشعب الليبي طفح به الكيل).
وأورد التقرير أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، شهدنا اندلاع احتجاجات في جميع أنحاء ليبيا، بما في ذلك مدنها الرئيسية مثل طرابلس في الغرب، وبنغازي في الشرق. وخرج الناس بالمئات للتعبير عن غضبهم وإحباطهم تجاه من هم في السلطة. ويتهمون كلاً من حكومة الوفاق والحكومة الليبية، بالفساد ويُحملونهم مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية في ليبيا.
وقال التقرير إن الحكومة الليبية قدمت استقالتها. كما أعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، مؤخرًا أنه سيتنحى هو أيضًا عن منصبه بحلول نهاية أكتوبر 2020.
ويتساءل التقرير كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟ ويعود إلى عام 2011 حيث سئم الليبيون العيش في ظل دكتاتورية تخضع لسيطرة محكمة بعد أن عانى الناس ما يزيد قليلاً عن أربعين عامًا من حكم معمر القذافي، وسرعان ما تطورت هذه الاحتجاجات إلى تمرد وحرب وتضمن هذا القتال أيضًا تدخلًا عسكريًا لحلف الناتو لصالح الثوار. حتى مقتل القذافي لاحقًا في أكتوبر التالي.
نقطة انطلاق الحرب الثانية
يقول التقرير إن موت القذافي ألقى بليبيا في مزيد من عدم الاستقرار بعد أن انقلبت الجماعات المسلحة على بعضها البعض. وبعد أن تراجع الناتو بسرعة تاركًا الليبيين وحدهم. وأنه منذ عام 2011، مرت ليبيا بالعديد من التغييرات الحكومية، مما أدى إلى فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. ورفضت التشكيلات المسلحة إلقاء أسلحتها.
وكذلك انقسم الحزبان السياسيان الرئيسيان اللذان شكّلا المؤتمر الوطني بشدة حول القضايا الرئيسية وهما تحالف القوى الوطنية، وحزب العدالة والبناء، وازداد الوضع الأمني الليبي سوءًا وأسوأ، لا سيما مع مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز في سبتمبر 2012.
وهكذا كان عام 2014 عامًا رئيسيًا بالنسبة لليبيا، وهو العام الذي اندلعت فيه الحرب الثانية. وكان ينبغي أن ينتهي التفويض الانتخابي للمؤتمر الوطني العام في يناير 2014، لكنهم صوتوا لتمديد سلطتهم لعام آخر. لكن هذا لم يُرض الليبيين، واندلعت احتجاجات واسعة النطاق. حينها دعا القائد العام المشير خليفة حفتر المؤتمر الوطني العام إلى حل نفسه، وهو ما رفضه. ثم قاد عملية الكرامة في مايو 2014.
ثم تم انتخاب مجلس النواب، لكن “جماعات إسلامية” رفضت نتائج الانتخابات وواصلت دعم المؤتمر الوطني العام القديم. صوّت المؤتمر الوطني العام على نفسه كبديل، مع طرابلس كعاصمة سياسية لهم، وأعلن حل حكومة مجلس النواب. وهذا يعني أن مجلس النواب المنتخب اضطر إلى الانتقال إلى طبرق في الشرق، واعتبر هذا الإعلان بمثابة تهديد.
ماذا الآن؟
تحت هذا العنوان الفرعي يقول التقرير: لقد عاش الشعب الليبي في ظل عدم الاستقرار والعنف لما يقرب من عقد من الزمان. لقد رأى الناس القتلى والمنازل المدمرة. وهم يواجهون الآن ظروفا معيشية تزداد سوءًا. فالخدمات العامة، بما في ذلك الرعاية الصحية، تنهار وسط جائحة عالمية حيث هناك حاجة إلى هذه الخدمات أكثر من أي وقت مضى. كما أن تضخم أسعار السلع الأساسية يعني دفع المزيد من الناس إلى عدم الاستقرار الاقتصادي أو الفقر. وليبيا الآن في خضم أزمة كهرباء، مع انقطاع متكرر للتيار الكهربائي يمكن أن يستمر لأيام دون سابق إنذار. كما أصبح انقطاع المياه أمرًا شائعًا بالنسبة للكثيرين.
لذا فليس من المستغرب حقًا أن يكون الليبيون قد فاض بهم الكيل، وقرروا أن الوقت قد حان للاحتجاج مرة أخرى. فكلتا الحكومتين المتحاربتين اتهمتا بالفساد والسماح للبلد بالوصول إلى هذه النقطة. ومع الاستقالات القادمة من كلا الجانبين، يبدو أن هاتين الحكومتين تعرفان الآن عدم إمكانية الاستمرار بأسلوبهما السابق في تسيير الأمور.