تقرير العفو الدولية 2021: انتهاكات مقلقة وقمع حريات مستمر في ليبيا
قال التقرير السنوي الصادر عن منظمة العفو الدولية إن عمليات احتجاز الآلاف من الأشخاص تعسفيا في ليبيا تواصلت على مدى عقد من الزمن دون السماح للمحتجزين بالطعن في قانونية احتجازهم.
وسلط التقرير الضوء على عمليات الاختطاف التي طالت عشرات الصحفيين والسياسيين والموظفين الحكوميين ونشطاء المجتمع المدني الذين تعرضوا للإخفاء القسري والتعذيب، مشيرًا إلى أن التشكيلات المسلحة تسببت في مقتل العديد وجرح آخرين من المدنيين وتدمير الممتلكات المدنية خلال الاشتباكات، كما أن الهجمات التي شنتها هذه التشكيلات ضد البنية التحتية للمياه أضعفت القدرة على حصول الملايين على المياه النظيفة.
واتهم التقرير السلطات بالاستمرار في تمويل التشكيلات المسلحة المسؤولة عن ارتكاب جرائم حرب والانتهاكات ضد حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن التشكيلات المسلحة وقوات الأمن استخدمت القوة ضد المهاجرين واللاجئين بصورة تعسفية، حيث تعرضوا لمعاملة سيئة.
وأورد التقرير وقائع متعددة لعمليات الإخفاء القسري في عموم البلاد طالت عددا من النشطاء من بينهم احتجاز حنين العبدلي ومقتل حنان البرعصي، فضلاً عن اختطاف الصحفي صدام الساكت أثناء تغطيته اعتصام للاجئين في العاصمة طرابلس، إلى جانب زيادة القيود المفروضة على الدخول إلى ليبيا والاتصال بالمجتمعات المحتاجة.
وعرج التقرير على القانون الذي أصدره مجلس النواب لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، ورأى أنه يقيد بشدة حرية التعبير على الإنترنت ويُجيز للحكومة ممارسة المراقبة والمعاقبة بالسجن على نشر أي محتوى تعتبره لا أخلاقيا.
كما ذكر التقرير أن عمليات القتل ظلت مستمرة في ليبيا من خلال العثور على عشرين جثة على الأقل تمت تصفيتها بأعيرة نارية عقب اختطافهم من قبل جماعات مسلحة.
وبحسب التقرير؛ فقد انتهكت التشكيلات المسلحة القانون الإنساني الدولي خلال الاشتباكات المتقطعة، والتي من بينها شن هجمات عشوائية على البنية التحتية المدنية والممتلكات الخاصة وتدميرها، لافتًا إلى وجود مضايقات ضد النشطاء السياسيين من خلال القبض على أكثر من 20 منهم.
وأضاف التقرير أن عددًا من الدول من بينها روسيا وتركيا انتهكت حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ 2011 عبر إرسالها للسلاح واستخدامها للمرتزقة على الأراضي الليبية.
كما سلط التقرير الضوء على ظاهرة الإفلات من العقاب بالنسبة لعدد كبير من المسؤولين وقادة التشكيلات المسلحة ممن ارتكبوا جرائم يعاقب عليها القانون الدولي، وتعيين عدد منهم في مناصب قيادية رغم ورود تقارير تفيد بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية منذ عام 2011، بل ورشح عدد منهم نفسه للانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى الإفراج عن عدد منهم بذريعة عدد كفاية الأدلة كما حصل مع عبد الرحمن ميلاد – المعروف أيضا بالبيدجا.
كما أشار إلى تقاعس السلطات الليبية عن حماية النساء والفتيات من العنف الجنسي؛ والعنف القائم على النوع الاجتماعي، فضلًا عن عمليات القتل، والتعذيب، والحرمان غير المشروع من الحرية من جانب الميليشيات والجماعات المسلحة، وغيرها من الجهات الفاعلة غير التابعة للدولة.
وواجهت النساء والفتيات عوائق أمام طلب العدالة على الاغتصاب وغيره من ضروب العنف الجنسي.
وتطرق التقرير إلى التمييز المجحف بحق الأقليات العرقية وجماعات السكان الأصليين، حيث واجه بعض أبناء التبو والطوارق، لاسيما أولئك الذين ليس لديهم بطاقات هوية وطنية، التمييز المجحف في جنوب ليبيا في الحصول على الخدمات الضرورية، ومن ضمنها الرعاية الصحية، والتعليم، علاوة على الانضمام إلى النوادي الرياضية. كما لم يستطع التبو في الكفرة الالتحاق بالجامعة الوحيدة
في المدينة الواقعة في جنوب شرقي البلاد؛ لأنها تقع في منطقة تسيطر عليها جماعات مسلحة منافسة.
وفي ملف النازحين، أشار التقرير إلى وجود ما يقرب من 200,000 نازح في الداخل، بعضهم منذ ما يزيد على 10 سنوات. ولم يتمكن آلاف النازحين من شرق ليبيا من العودة إلى ديارهم بسبب خوفهم من عمليات الانتقام من جانب الجماعات المسلحة وتدمير ممتلكاتهم. كما لم يتمكن الآلاف من سكان مدينة تاورغاء، المهجّرون قسرًا منذ عام 2011، من العودة إلى ديارهم بسبب انعدام الأمن والخدمات الضرورية.
وواجه النازحون داخليًا عقبات حدّت من حصولهم على التعليم، والرعاية الصحية، والسكن، والوظائف؛ بسبب تقاعس الحكومات المتعاقبة عن إعطاء أولوية لحقوقهم، بما في ذلك في الميزانيات الوطنية، وحمايتهم من الاحتجاز التعسفي، والتهديدات بالطرد من مساكنهم، وغير ذلك من الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة والميليشيات.
كما تعرض اللاجئون والمهاجرون لانتهاكات وإساءات واسعة النطاق وممنهجة لحقوقهم الإنسانية على أيدي الموظفين الرسميين والميليشيات والجماعات المسلحة مع إفلات من العقاب.
وعرّض خفر السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي حياة اللاجئين والمهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط للخطر بإطلاق النار على زوارقهم أو تعمد إلحاق الضرر بها، مما أدى إلى وقوع خسائر في الأرواح، كما قُبض تعسفيًا على اللاجئين والمهاجرين في منازلهم، وفي الشوارع، وعند نقاط التفتيش.
وأكد التقرير طرد سلطات جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في شرق ليبيا ما لا يقل عن 2,839 لاجئًا ومهاجرًا إلى تشاد ومصر والسودان، دون مراعاة الأصول القانونية.
ومنعت السلطات الليبية مغادرة عدة رحلات جوية لتوطين اللاجئين وطالبي اللجوء وإجلائهم من مغادرة ليبيا.
وأطلق حراس ورجال يرتدون زيا عسكريًا النار بصورة غير قانونية على اللاجئين والمهاجرين في المراكز التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية أو خلال محاولات الهرب، فقتلوا عشرة على الأقل وأصابوا العشرات بجروح في مركز احتجاز المباني ومراكز الاحتجاز الخاضعة للمراقبة بوسليم في حوادث منفصلة في فبراير وأبريل ويوليو وأكتوبر.
وعن الواقع الصحي، أشار التقرير إلى أن عملية التطعيم ضد فيروس كورونا والتي بدأت في أبريل، شابتها عمليات تأخير، واستبعاد أولي للأشخاص الذين لا يحملون وثائق، وتقاعس عن إعطاء الأولوية للعاملين الصحيين وغيرهم من المجموعات المعرضة للخطر. كما قصرت السلطات الليبية في تأمين لقاحات كافية، أو رفع الوعي، أو ضمان حصول المجموعات المعرضة للخطر عليها.
وواجه المهاجرون واللاجئون والنازحون داخليا عوائق إضافية في الحصول على اللقاح بسبب المحسوبية والتمييز المجحف، في حين أن الميليشيات والجماعات المسلحة لم تلقح الأشخاص المحتجزين لديها.
وبحلول نهاية السنة؛ لم يتلقّ إلا 12 % من الليبيين وأقل من 1 % من الرعايا الأجانب اللقاح بجرعتيه.
واختتم التقرير الحديث عن عقوبة الإعدام التي احتفظ بها القانون الليبي بالنسبة لمجموعة واسعة من الجرائم التي لا تقتصر على القتل العمد، واستمر إصدار أحكام الإعدام، ولم تـُنفـّذ أي عمليات إعدام.
وألغت المحكمة العليا في ماليو الفائت الإدانة وحكم الإعدام الصادرين بحق سيف الإسلام القذافي، وثمانية آخرين مع طلب إعادة المحاكمة.