تقرير الخبراء الأممي يرصد “نهباً مُنظماً” للنفط الليبي
218 |خاص
أفرد تقرير فريق الخبراء التابع لمنظمة الأمم المتحدة، والذي رُفِع إلى مجلس الأمن الدولي “حيزاً كبيراً” لموضوع النفط الليبي، الذي أظهرت محطات في التقرير أنّه يتعرض لـ”تلاعب ونهب مُنظّم”، عدا عن عمليات التهريب التي توزّعت بين البر والبحر، فيما لوحظ أنّ التقرير رسم “مساراً تشاؤمياً” بشأن عمليات مكافحة تهريب الوقود التي تنامت في الأشهر الأخيرة، إذ يؤكد التقرير أن عصابات التهريب نوّعت في أساليب تهريبها، وأصبحت تسلك طرق جديدة، وهو ما يعني أنّ سائر عمليات مكافحة التهريب، قد جرى التحايل عليها.
ويتوقف التقرير الأممي عند “المخاطر” التي تُشكّلها المؤسسة الوطنية للنفط –المنطقة الشرقية- على النفط الليبي من خلال رصد محاولات بيع غير شرعية للنفط عددها ست، إضافة إلى تخفيض قيمة برميل النفط المُنْتج من حقول ليبية خمس دولارات أقلّ من السعر الذي تُحدّده المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس، والتي يعترف بها المجتمع الدولي، ويتواصل معها في كل ما له صلة بملف النفط في ليبيا، فيما توصي اللجنة بموقف دولي أكثر حزما إزاء عمليات تهريب نفط الوقود من الأراضي الليبية، إذ يُلمّح التقرير إلى وجود “تواطؤ لدول لم يُسمّها” تُقْبِل على شراء النفط والوقود المهربان من ليبيا في تحايل على قرارات الشرعية الدولية.
ويُحمّل التقرير “مسؤولية كبيرة” لجماعات مسلحة في أكثر من منطقة ليبية تُدير وتُشغّل عصابات لتهريب النفط والوقود، إذ شكّلت عمليات تهريب الوقود “مصدر إثراء واسع” للعديد من الشبكات الإجرامية في ليبيا، والتي أصبح لها نطاقٌ دوليٌّ يتعدّى الحدود الليبية، إذ يلفت التقرير إلى أن جزء كبيرا من التحايل والالتفاف له صلة بمؤسسات رسمية، منحت تراخيص لتوزيع الوقود لأشخاص لا يملكون أساساً محطات وقود على الأرض، بواقع 480 محطة تستلم كميات دورية من الوقود، لكنّها تُهرّبها إلى الدول المجاورة عبر العصابات، فيما يقول التقرير إنّ الجهات الرسمية بدت منذ سنوات فاقدة تماما للسيطرة على محطات الوقود.
ويلفت التقرير إلى مسألة مهمّة وهي أنه منذ عام 2013 تستورد ليبيا كميات كبيرة من النفط المكرر، فيما استمعت لجنة الخبراء إلى تقديرات وشهادات من خبراء طاقة ليبيين إنه لا يمكن تفسير هذه الكميات المستوردة بزيادة الاستهلاك الداخلي، فاتحة هذه الشهادات المجال أمام شكوك أكبر بشأن وجهة هذه الكميات، ومحاولة تفسير سبب زيادتها بعد عام 2012، إذ وصلت في عام 2017 إلى ما يزيد عن ثلاث مليارات دولار أميركي، فيما يُحاول التقرير التشكيك بـ”فروقات هائلة” ظهرت في تقارير ديوان المحاسبة بشأن كميات الوقود المكرر والمُسْتهلك.
يتوقف التقرير عند شبكات التهريب في مدينة الزاوية والتي ازدهر عملها بعد عام 2014 إذ يربط التقرير بين تنامي عمليات التهريب وبين تكليف كتيبة النصر بقيادة محمد كشلاف بحماية مصفاة الزاوية، إذ يتهم التقرير الكتيبة بأنها أدارت وغطت عمليات تهريب واسعة النطاق، لكن التقرير يعود ليقول إنه في الأشهر الأولى من عام 2017 فإن عمليات التهريب في هذه المدينة قد انخفض لكنه لم يتوقف، فيما ينسب التقرير لكشلاف نفيه التام ضلوعَ الكتيبة بأيّ عمليات تهريب، وأن دور أفراد كتيبته هو حماية المصفاة من الخارج، والتدقيق في الشاحنات التي تدخل وتخرج، لكن التقرير ينقل عن كشلاف القول إن جميع الشاحنات الضالعة بالتهريب هي مرخصة قانونا، وأن كتيبته غير مفوّضة بوقف هذه الشاحنات عن العمل.
التقرير يقول إنه حصل في مرحلة لاحقة على أدلة تشير إلى وجود “تواطؤ قوي” بين عناصر من حرس السواحل في الزاوية وكشلاف، عبر صورة تُظْهِر كشلاف مع عبد الرحمن الميلاد آمر الحرس على متن سفينة “Temetron”، فيما يقول الميلاد إن عملية اعتراض سفينة جاءت بأمر من مرؤوسيه، لكن كشلاف يقول إنه كان يؤمن الحماية للعناصر البحرية أثناء مهمة الاعتراض.
ويكشف التقرير خطوط التهريب الرئيسية والموازية للوقود، فيما يكشف أيضا أن مناطق زوارة وبوكماش قاعدة لانطلاق عمليات التهريب الرئيسية، وأن الوقود المُهرّب يُنْقل أولاً إلى 40 مستودعا لتخزين الوقود أُنْشِئت بشكل غير قانوني، فيما ظهر مسار جغرافي آخر للتهريب في الفترة الماضية ينطلق من الزاوية عبر بئر الغنم وبئر عياد وشكشوك باتجاه جو، فيما تتمركز شبكات تهريب في نالوت، علما أن هذا التقرير يمر عبر طريق يخضع لجماعة مسلحة يقودها عماد الطرابلسي، في ظل معلومة وردت في التقرير أن الطرابلسي يتقاضى 5000 دينار عن كل ناقلة تمر عبر الأراضي الخاضعة لسيطرة جماعته.
ويورِد التقرير تفصيلا، أسماء السفن الضالعة في التهريب، عدا عن أسماء شخصيات يُعْتقد أنها وسّعت شبكة نفوذها بحيث أصبح لها قوة ومعدات أمنية برية وبحرية تحميها أثناء عمليات التهريب، لكن تقرير الخبراء يقول إن قادة العصابات التي ترد أسماءها في التقرير تنفي دائما تورّطها أو مسؤوليتها، لكن كثيرا منهم رفضوا مقابلة اللجنة، وهو ما يجعل منهم مدانين بصورة أو بأخرى.