تفسير نفسي.. لماذا يفشل باريس سان جيرمان في أوروبا؟
فجّر فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي عودة تاريخية في وجه خصمه باريس سان جيرمان الفرنسي في مباراة الإياب لدور الـ 16 بدوري أبطال أوروبا، وذلك بعدما فاز عليه بنتيجة 1-3 في ملعب حديقة الأمراء بالعاصمة الفرنسية باريس.
وكان باريس سان جيرمان فاز بهدفين نظيفين في مباراة الذهاب بإنجلترا، ليكون مرشحاً فوق العادة للتأهل بفضل نتيجة الذهاب القوية، لكن الفريق الفرنسي للمرة الثانية يخسر بشكل مفاجئ بعودة تاريخية وذلك بعدما حدث سيناريو مشابه ضد برشلونة قبل موسميْن.
وهنا طُرحت الأسئلة وعلامات الاستفهام حول باريس وعجزه عن اتخاذ خطوة للأمام في دوري أبطال أوروبا والخروج المبكّر رغم امتلاكه تشكيلة قوية وأسماء لامعة ومدربين من طراز رفيع.
المواقف الصعبة
قبل عاميْن كانت مواجهة الإياب بين برشلونة وباريس سان جيرمان، وكان الفريق الكتالوني متقدماً بنتيجة 3-1 حتى الدقيقة 88، لكنه كان بحاجة لثلاثة أهداف أخرى وتصبح النتيجة 6-1 حتى يتأهل، وحدثت المعجزة واستطاع برشلونة تسجيل 3 أهداف في 6 دقائق، فكانت المعجزة هي طريقة عودة برشلونة وليس العودة بحد ذاتها.
ربما يمتلك باريس النجوم والبنية التحتية لكنه يفتقد لخبرة التعامل مع التفاصيل، المواقف الصعبة، الأوقات الحرجة، وتجلّى ذلك بالأمس ضد مانشستر يونايتد حينما صنع الفريق الإنجليزي فرصا أقل من الأهداف التي سجلها، والتي دخلت شباك باريس سان جيرمان بسبب “أخطاء” ساذجة من لاعبيه.
لم يُحسن باريس التعامل مع بدايات اللقاء ونهاياته، فارتبك، وتوتر بعدما عاش لحظات كارثة ملعب الكامب نو وإمكانية استقبال أهداف في أوقات حرجة، وهذا ما حدث، فهزم نفسه نفسياً قبل أن يُهزم من خصمه.
بعدما سجّل مانشستر يونايتد هدف الفوز الثالث ضد باريس سان جيرمان، عرف الفريق الإنجليزي كيف يتعامل مع الدقائق الأخيرة ومجريات الأمور، وهذا ما فشل به باريس.
وهذا يُمكن إرجاعه إلى ضعف العقلية التنافسية لدى الفريق الفرنسي بسبب سهولة الظروف في فرنسا وغيابه عن المواقف الحرجة والصعبة.
فالمواقف الحرجة تعوّد وتُدرّس اللاعبين على كيفية إجادة التعامل معها، ففي انجلترا يعيش مانشستر هذه الظروف على مدار الموسم، بينما في فرنسا الأمور أسهل بكثير، فيُصيب اللاعبين نوع من الكسل الذهني وقلة النشاط، فينتهي المطاف بالارتباك.
سوء الحظ
وهي التفاصيل الصغيرة التي تجلّت بسذاجات لا يرتكبها لاعبون مبتدئون، لكن هي كرة القدم، أخطأ مدافع باريس كيرر ضد مانشستر في بداية المباراة بتمريرة خاطئة، وبعدها العملاق بوفون يفشل بالتصدي لكرة متوسطة الصعوبة، وبعدها كيمبابي يتصدى للكرة بيده فيحصل مانشستر على ضربة جزاء في وقت حرج.
حتى أن مانشستر لم يصنع هجمات، ولم ينفذ مرتدات، وضد برشلونة قبل سنتين كان الفريق الكتالوني محدود الفرص، ولكنه سجل 6 أهداف، وكل ذلك لا يحدث لو لم يقف الحظ في وجه باريس.
المشكلة في العودة
يُلاحظ أن باريس يُحسن التعامل مع البدايات، ولا يُحسن التعامل مع النهايات، فالفريق الفرنسي دوماً يقدم مباراة ذهاب عظيمة، ثم ينهار خلال دقائق في الإياب وينتهي كل شيء.
ويعود ذلك إلى غياب عنصر الحسم، والمسألة هنا لا تتعلق بالتراجع أو التقدم التكتيكي، لأنه تراجع ضد برشلونة ليدافع وخسر، وبالأمس ضد مانشستر يونايتد تقدم هجوماً وأيضاً خسر، وهنا تكمن النقطة المهمة، أن الفريق الفرنسي لا يُحسن “الحسم” وهي التي ترجّح فريقا عن آخر بدوري الأبطال، فليس الأفضل من يفوز، بل “الأكثر حسماً”.