تشارلي لا يقتل الناس . لكن “الوردة” تفعلها !؟ .
مصطفى عبدالهادي عبدالله
في ظل المشهد العبثي الذي بات ينتشر في ليبيا انتشار النار في الهشيم وعلى كافة الأصعدة، ما زالت ظاهرة تغييب مؤسسات الدولة والاستيلاء بالقوة على مرافق عامة وفتحها تارة وإعادة إغلاقها تارة أخرى هي الغالبة على المشهد اليومي بشكل بات أقرب ما يكون إلى لعبة الأطفال في الموروث الشعبي ” فتحي ياوردة .. وسكري ياوردة”!؟ .
لم تعد هذه الأنماط الغوغائية تقض مضاجع المسؤولين ومن يمكن تسميتهم – مجازا لا حقيقة – صُنّاع القرار في ليبيا، فقد استمرأ هؤلاء حياة بيانات الاتهام المتبادلة والعيش في دائرة صراعات مجملها على النفوذ والسلطة وغابوا تماما عن الاهتمام بالوطن ومعاناة المواطن ضحية كل هذه العبثية المخجلة .
مجموعة مسلحة هنا تغلق خطاً للغاز ومجموعة مسلحة هناك تغلق حقلاً للنفط ومجموعة أخرى تداهم مصرفاً وأخرى تداهم مجلساً بلدياً, والكهرباء والسيولة والرواتب وشؤون المواطنين ” لا بواكي لها” ..
وكأن المواطن الليبي لم يعد لديه من الهم ما تنوء بحمله الجبال حتى يجد نفسه مقابل مشهد من مشاهد الكوميديا السوداء عبر اتهامات توجهها جهات “رسمية” – متأثرة بخطاب منفصل عن الجغرافيا والتاريخ والواقع – للعبة على الهواتف لتحمّل “السيد تشارلي” مسؤولية استشراء ظاهرة الإحباط واليأس وعدمية الحياة التي دفعت بالبعض إلى الإقبال على الانتحار ومغادرة الدنيا مُكرهاً بعد أن فشل بفعل “تشارليات البرلمان والرئاسي والمؤقتة والإنقاذ والاستشاري الخ الخ” .. في مجاراة الحياة طواعية ..وكأن تلك الجهة ومن يدور في فلك ما صرحت به ويؤمن به تقوم بقصد أو بغير قصد بتبرئة كل أولئك الذين وصلوا بالمواطن إلى هذا المنحنى الخطير من التفاعل مع الحياة .. بعد أن صار لسان حالهم يردد مقولة الكاتب الأمريكي أروين شو ” أيها السادة.. إن الوطن يطلب منكم أن ترقدوا في قبوركم .. وتسمحوا لنا بدفنكم !” .. عبر مشهد غوغائي مخيف ومقلق لمستقبل وطن لن يجد فيه العابثون بعد برهة من الزمن “وردة” يغلقونها تارة ويفتحونها تارة أخرى .