ترقب لرفع مرتبات القطاع العام وتخوف من التبعات الاقتصادية
تقرير / 218
يترقب موظفو القطاع العام نتائج اللجنة الوزارية المُشكّلة لإعداد جدول موحد للمرتبات بالدولة الليبية، والتي انتهت مهمتها اليوم الأحد بعد استغراق أعمالها 60 يوماً، بحسب المهلة المحددة في قرار إنشائها.
وكان رئيس الوزراء قد أصدر أمس السبت تعليماته لوزير المالية بإحالة نتائج عمل اللجنة التي يرأسها ليتم دراسة واعتماد ما انتهت إليه، قبل إحالتها لمجلس النواب لإقرارها، وضمت اللجنة الوزارية في عضويتها وزير المالية خالد المبروك ووزير العمل علي العابد ووزير الخدمة المدنية عبد الفتاح الخوجة، ووزير المواصلات محمد الشهوبي.
وتُعدّ مسألة تقدير وتوزيع المرتبات على شاغلي الوظائف العمومية التي تتولى اللجنة وضع رؤيتها من المسائل المعقدة، بسبب التفاوت الكبير والغياب الواضح للعدالة الاجتماعية، الأمر الذي دفع بعض القطاعات لتنظيم اعتصامات ووقفات احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور.
ونجحت بعض الجهات والإدارات التي لا تتبع السلطة التنفيذية في تنظيم زيادات قياسية لمرتباتها ومزاياها المالية، عن طريق قوانين خاصة جرى اعتمادها من قبل السلطة التشريعية، والتي منحتها حصانة ومركزاً قانونياً خاصاً أفلتها من القانون رقم 15 لسنة 1981، بشأن نظام المرتبات للعاملين الوطنيين كديوان المحاسبة ومجلس النواب والمجلس الأعلى للهيئات القضائية، الذين تمتعوا بمرتبات ومزايا مالية فاقت عشرة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور في البلاد، رغم التفاهمات التي أفضت لتخفيض بعض هذه الجهات لمرتباتها بنسبة 20%، بعد تصاعد الغضب الشعبي من التفاوتات القياسية في المرتبات.
ويحتاج جدول المرتبات في حالة اعتماده من قبل مجلس الوزراء إلى تمريره من مجلس النواب، حيث تنحصر مهمة الحكومة في إعداد المقترح، بينما يتوقف اعتماده على موافقة السلطة التشريعية مُمثّلة في مجلس النواب الذي تشهد العلاقة بينه وبين الحكومة توتراً لافتاً، بعد قرار سحب الثقة وما تبعه من عرقلة اعتماد الميزانية العامة.
ويتخوف مراقبون من الفاتورة المرتفعة لبند المرتبات في الميزانية العامة للدولة، حيث سجلت العام الماضي نسبة 57% من الموازنة، بينما تضخمت هذا العام بسبب الإفراجات المالية وتوحيد المؤسسات التي أضافت للقطاعات العامة أعداداً إضافية من الموظفين، حيث أفاد ديوان المحاسبة بأن عدد الموظفين بالوحدات الإدارية للدولة بلغ مليونين و362 ألفاً و756 شخصاً، بنسبة 37% من إجمالي تعداد البلاد السكاني، وهو ما يعني تآكل بند التنمية وانخفاض مخصصاته لصالح ارتفاع بند المرتبات والنفقات التسييرية للقطاعات المتضخمة.
وأصدر رئيس الحكومة قراراً رفع بموجبه مرتبات موظفي قطاع التعليم العام، حيث بلغ معدل الزيادة 100% تقريباً، وهو ما غطته الحكومة عن طريق استقطاع مبلغ مليارين و250 مليون دينار من باب الدعم في ظل القيد القانوني الذي يحصر إنفاق الحكومة بنظام 1/12، حيث لا تستطيع الحكومة إحداث تغيرات جذرية في الموازنة العامة إلا بالقدر المحدد في مخصصات العام الماضي.
وتساءل اقتصاديون عن جدوى رفع المرتبات الحكومية في ظل انخفاض سعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار الأمريكي، والذي حدده المصرف المركزي بنحو 4.48، حيث أدى تغيير سعر الصرف إلى توفير دخل مالي من العملة المحلية وتخفيف وطأة أزمة السيولة، إلا أنه فاقم من أزمة غلاء الأسعار نتيجة ارتفاع فاتورة المستوردات بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى هزّ قوة الدينار الذي سيستمر في التهاوي نتيجة السعي الحكومي لسداد فاتورة المرتبات المرتفعة، واللجوء إلى استمرار خفض قيمة الدينار أو رفع مستوى الدين العام المتضخم أصلاً.
جدير بالذكر أن اقتصاديين ومؤسسات مالية دولية دعت ليبيا إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي، وإشراك القطاع الخاص في التنمية للحدّ من تضخم موظفي القطاع العام، الذي يُعد المصدر الوحيد للتوظيف في ليبيا مع ارتفاع معدلات الفساد وهدر المال العام.