ترامب والتواضع الرئاسي
بيير غانم
يتابع الكثيرون الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مؤيّدوه يريدونه أن يفعل بالضبط ما وعدهم، ومعارضوه يريدونه أن يرتكب أخطاء فيصطادونه، ونحن حول العالم نتأثّر بما يفعل السيد الرئيس.
خلال الأيام الماضية صفّق مؤيّدو ترامب له لأنه بدا لهم صادقاً في وعوده، مثلاً رشّح قاض محافظ للمحكمة العليا، طلب وضع خطة لسحق داعش، علّق برنامج اللجوء الى الولايات المتحدة وعلّق التأشيرات من ست دول عربية ومن إيران لفترة محدودة، ومارس ضغوطاً على الشركات الأميركية لإعادة الوظائف الى أميركا بدلاً من شحنها الى الصين، وأمر ببناء الحائط مع المكسيك.
معارضو الرئيس لم تعجبهم أي من هذه الخطوات وانتقده الديمقراطيون بشكل خاص في قضية الهجرة واللجوء و”طار عقلهم من ترشيحه القاضي نيل غوريتش” لعضوية المحكمة العليا.
اسمحوا لي بإضافة ملاحظة على تصرفات ترامب.
القاضي الذي رشّحه محافظ لكنه ليس على أقصى اليمين.
قال ترامب من قبل “إنه يفهم أكثر من الجنرالات” في سحق داعش، والآن يطلب من الجنرالات وضع خطة لضرب التنظيم الإرهابي.
أوقف دخول اللاجئين السوريين بشكل دائم وعلّق برنامج اللجوء والتأشيرات لفترة محدودة، لكنه كان يريد أصلاً منع المسلمين من دخول أميركا، وعندما أعلن القرار التنفيذي قالت إدارته إنه يستند إلى قانون أصدره سلفه باراك أوباما.
هو أيضاً يهدّد الشركات الأميركية بالضرائب لكننا لم نرَ شيئاً من ذلك، أما مسألة الجدار فتحتاج إلى صرف أموال في الكونغرس الأميركي.
الحقيقة هي أن الرئيس الأميركي يقف الآن في أول طريق “التواضع الرئاسي”.
منذ أيام سألوه عن التعذيب والإغراق فقال “إن تعذيب السجناء فعّال” وأضاف ترامب “هذا رأيي، لكنني أترك الأمر لوزير الدفاع ماتيس ولو قال لا للتعذيب فالأمر يعود له”.
كان يقول إنه ليس بحاجة إلى الإيجاز الاستخباراتي وسيستمع إليه عند الضرورة، برنامج الرئيس ليومي الثلاثاء والأربعاء والجمعة يشير إلى أنه تلقّى الإيجاز الاستخباراتي وأكد الناطق باسم البيت الأبيض أن الرئيس يتلقى، يومياً، إيجازاً واسعاً أشمل من الذي كان يتلقّاه أوباما.
يوم الأربعاء أيضاً، خرج مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال فلين إلى غرفة الصحافة ليرسل “تحذيراً رسمياً إلى إيران”. لدى سماعه، شعرت أن الإدارة الأميركية تدقّ طبول الحرب. بعد قليل، وبدون إعلان مسبق، صعد الرئيس الأميركي إلى المروحية وذهب إلى قاعدة دوفر للقاء جثمان جندي أميركي مات في اليمن خلال أول مهمة عسكرية أمر بها الرئيس الجديد.
أما يوم الجمعة، ففرض ترامب عقوبات على إيران تشبه تماماً العقوبات في أيام باراك اوباما.
“التواضع الرئاسي” يأتي نتيجة لتجربة تلوي ذراع الرئيس الجديد! هجمات الحادي عشر من سبتمبر صدمت جورج دبليو بوش، أما تسرّب النفط في خليج المكسيك فجعل باراك أوباما يفهم أن شعبيته لها حدود وبعد أشهر خسر حزبه الانتخابات النصفية.
اليوم، يرى العالم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قطاراً لا يتوقّف، أو سيلاً جارفاً وربما يكون هذا صحيحاً، لكن وقوف ترامب أمام جثة جندي مات في مهمة أرسله فيها الرئيس تعني لي أن الرئيس بدأ رحلة “التواضع”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع العربية.نت