تخمة الحرية تُعيق الحياة الثقافية
محمود ملودة
أواخر التسعينيات حدثت حركة ثقافية مميزة في المدينة، عبر مكتب رابطة الأدباء، ربما أتاحها السقف الذي أنجزه د. علي فهمي خشيم عبر الأمانة العامة للرابطة، واحتضانه لمجموعة من المثقفين المُفرج عنهم ضمن ما سمي آنذاك بـ”أصبح الصبح”، والذي توضّح في إصدار مجلة (لا)، وتوسّع هامش التعبير داخل المدينة أكثر، بعد بثِّ الإذاعة المسموعة المحلية بقيادة الراحل خالد خشيم وفريقه المميز، وصدور صحيفة الجماهير برئاسة الأستاذ يوسف الغزال، والشهيد عبد الباسط بومزريق، وأنجزت ندوات ورمضانيات ثقافية، فقد كانت هناك مساحة للحركة سمحت بالتعاون مع الجامعة، وجمعية العلوم والتقنية، بل مع فريق العمل الثوري، وتحديدا بعد سقوط بغداد 2003، وتغيّر نهج الحركة الثورية، وانفتاحها على الوسط المحلي .
كذلك أتيحت الفرصة للتحرك بشكل أكبر مع منظمات ليبيا الغد، وكان الداعم لتوسيع هامش التعبير “د. جمعة عتيقة”، وجمعية “واعتصموا”، و”منظمة الشباب” (لم أعد أتذكر اسمها الرسمي)، كان الأمن الداخلي حاضرا يتابع ويسجل، ولم يحدث أن ألغي نشاط ، أكرّر أواخر التسعينيات والألفية الثانية، وبقدر توسع الهامش السياسي بعد فبراير أكثر، إلا أن هامش الثقافة يضيق بالسماح بحفل غنائي للفنانة أسماء سليم 2011، وندوة عن الصادق النيهوم،2012، ويقفل مرسم 2015، ويمنع تكريم باحث لأن صاحبه أشعري، ويأتي الرفض والمنع بحجج مختلفة فهذا أخواني، أو مقاتلة، أو مدخلي، وذاك علماني، وهنا شيعي، ومن هناك كرامة، وآخرها معرض تسحب منه منحوتات يدوية فنية أنجزها طلاب في ورش التدريب بكلية الفنون .
المشكلة أن المنع لا يصدر عن جهات رسمية؛ بحيث يمكن محاورتها أو التفاهم معها، بل يحدث المنع من أطراف خفية، وذلك بالضغط على المنظمين، أو الداعمين، أو الجهات المستضيفة، خطورة ذلك أن من يفكر في عمل نشاط صار يمارس الرقابة ويضيّق الهامش الى حد صرف النظر عن المشروع نهائيا.
المصدر: صفحة الكاتب على موقع فيسبوك