تحليل يُحذّر من “التقسيم”: ليس سهلا.. وطبقات فوضى
218TV.net خاص*
خيالٌ قاس للغاية انطوى عليه “رأي تحليلي” نُشِر في مجلة “بوليتيكو”، فيما لو سلكت ليبيا مسار التقسيم إلى ثلاث ولايات أسوة بتقسيم تاريخي. لوحظ أن صاحبه مستشار فاعل للرئيس الأميركي دونالد ترامب من وزن سبستيان غوركا، والمرشح لتولي منصب المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، إذ يخلص غوف بورتر إلى القول بلا مواربة إن المقترح عدا عن كونه غير قابل للتنفيذ فإنه يؤشر فعليا إلى أزمة مستعصية في فهم الحالة الليبية، لكنه يؤدي فعليا إلى حرب ولايات في ليبيا وتحديدا بين طرابلس وبرقة تحت لافتة “النفط”.
مقال بورتر يشير إلى مسألة بالغة الأهمية، وتتمثل في أن أحد أصعب أوجه الأزمة الليبية تتمثل في “الإرث المُعقّد” لنظام معمر القذافي على امتداد نحو أربعة عقود، إذ يتهِم كاتب المقال معمر القذافي بأنه غيّب متعمدا كل أشكال مؤسسات الدولة الفاعلة، لافتا إلى أن إرث القذافي هو الذي حرف فعليا مسار العملية الديمقراطية في ليبيا بعد ثورة عام 2011، لكن بورتر لا يعفي التدخلات الأجنبية، وسعيها عبر “أدوات ليبية” إلى التأثير في الداخل الليبي، وهو ما خلق “طبقات من الفوضى”، فيما أطراف إقليمية تترقب نتيجة الصراع الداخلي لتقرر شكل علاقتها ب”الحليف الأقوى”، وبالنهاية ضمان حليف قوي ب”النفط والغاز”.
يقول بورتر في مقاله :أمّا من ناحية تاريخية، فتقسيم ليبيا إلى ثلاث ولايات لم يكن أمرًا سهلًا على العثمانيين، فعند احتلالهم شرق ليبيا وتسميتها ولاية برقة عام 1517، احتاجوا إلى 34 عامًا ليحصلوا على ولاية طرابلس و300 سنة ليخرجوا بفزّان، وفي غضون ذلك فقدوا السيطرة على طرابلس لما يزيد على قرن! أمّا الحدود الي رُسمت حينها فما كانت تهدف إلّا إلى جمع الضرائب للامبراطورية العثمانية وليس لشؤون الحوكمة في ليبيا، فتراجعت عملية فرض القانون لتُدار على المستوى المحلي، وهذا كلّه قبل اكتشاف النفط عام 1975.
وبالحديث عن النفط ذكّر غوف أنّه شريان الحياة الاقتصادية لليبيين تعتمد ليبيا على عوائده للقيام بشؤونها كاملةً من توفير الطعام والماء للشعب حتى رواتب القطاع العام. وفي هذا السياق لا بدّ من الانتباه إلى أنّ التقسيم إلى ثلاث ولايات لا يتوافق مع توزّع مخزون النفط الذي يتركّز معظمه شرقًا فيما يُسمى ولاية برقة والبعض في فزّان والقليل فيما سيصبح ولاية طرابلس حيث العاصمة. وهذا سيعمّق الأزمة، إذ ستُحرم طرابلس من ثُلثي العائدات، ممّا قد يددفعها على الاقتتال مع برقة على حقول النفط التي ما بينهما، أمّا الجنوب فلن يتمكّن من بيع نفطه في السوق دون الوصول إلى الموانئ شمالًا وحينها لن تجد طرابلس غضاضة من فرض رسوم باهظة لتعوّض ما خسرته. ناهيك عمّا تُشير إليه الإحصائيات من هشاشة الدول المحصورة بلا منفذ.
من حيث الحدود يلفت غوف أنّ الانتماءات السياسية لا تتسق مع الحدود فهناك الأطراف التي تحاول استعادة مكانتها على الساحة السياسية من نظام القذّافي السابق، والإسلاميين الذين يحاولون الحفاظ على المكتسبات السياسية التي حصلوا عليها بعد الإطاحة بالقذّافي، ومن عاد من المنفى أو خرج من السجن من المنشقين عن النظام السابق، وإلى جانب هذا هناك أنصار الشريعة والقاعدة في المغرب التي لها وجود كبير في الجنوب.
ـــــــــــــــــــــــــ