تحركات تركيا في ليبيا “تستنفر” دولا كُبرى.. هل يتغير المشهد؟
تقرير| 218
بصريح العبارة وأمام مرأى ومسمع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لم تهدأ أنقرة ولم تدخر جهداً لدعم حكومة الوفاق وقواتها بالأسلحة والمرتزقة على مدار سنوات، ورغم الإدانات الواسعة إلا أنها استمرت وسارعت لقطف ثمارها بعد استيلاء قوات الوفاق على قاعدة الوطية.
إشادة تركية
وكانت “الوطية” الفيصل في المشهد الذي تغيرت موازينه، وشهد تحركات دبلوماسية تركية متسارعة على مستويات عليا عديدة، بدءاً من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزيري خارجيته ودفاعه، فالتطورات العسكرية في ليبيا كانت على طاولة الرئيس بعد ساعات فقط من سيطرة الوفاق المدعومة بسخاء من أنقرة، فيما لم يُفوّت وزير الدفاع التركي خلوصي آكار الفرصة لإبراز دور بلاده في صنع هذا التغير، حيث أكد في تصريحاته بأن تغيير التوازن العسكري على الأرض بين أطراف الصراع في ليبيا جاء نتيجة دعم بلاده للوفاق عسكرياً.
ولم يسمح وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو لهذا الانتصار التركي بأن يمر مرور الكرام، ليتصدر أجندة قمة رباعية تركية أوروبية نتيجتها كانت تأكيداً آخر على أهمية الحل السياسي وليس العسكري في ليبيا، وهو أمر شدد عليه تشاووش أوغلو مع نظرائه الألماني هايكو ماس، والبريطاني دومينيك راب، والفرنسي جان إيف لودريان.
رأي دول كبرى
فرنسا لم تشارك فقط على صعيد وزارة الخارجية، بل زادت من رفع مستوى مشاركتها، فيما أسماه مراقبون بالرسالة الواضحة لتركيا، حيث خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤكدا أن إنهاء الصراع في ليبيا بات أمراً مهماً وحاجة مُلحة، وعبّر مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، الحاضر الغائب عن المشهد الليبي، عن مخاوفهما المشتركة حول تزايد التدخلات الأجنبية في رسالة لتركيا وغريمتها روسيا.
ولم يكتفِ الإليزيه بإظهار تحالف جيد مع واشنطن بعيداً عن قيود الاتحاد الأوروبي، بل ظهرت تحركات عسكرية فرنسية فوق مياه البحر الأبيض المتوسط لطائرة أواكس، رصدها موقع itamilradar الإيطالي، إضافة لتحركات دبلوماسية على صعيد سفاراتها في عدد من دول المنطقة ما يثير عديد التساؤلات حول حقيقة توجه الأجندة الفرنسية ونوايا تحركاتها القادمة حول ليبيا.
ولم تغب إيطاليا عن مشهد التطورات الأخيرة ليخرج وزير الخارجية لويجي دي مايو بتصريحات تحمل ذات التأكيدات والاستنكارات والدعوات المتعلقة بالتدخلات الأجنبية والتطورات العسكرية على الأرض، في لقاء جمعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
بروكسل وواشنطن
التخبط في المشهد الليبي ليس بالأمر الجديد، ولكن ما هو جديد أن إيفاء أنقرة بوعودها للوفاق وإعادة ترتيب موسكو لأوراقها في ليبيا، تطورات باتت تهدد مصالح بروكسل وواشنطن بشكل يكاد يكون أقوى من تهديد فيروس كورونا، ليزداد تشابك المشهد والتساؤلات حول السياسة التي ستتبعها بروكسل وواشنطن أم أنها ستكتفي بذات السيناريو المقتصر على دعوات التهدئة، والمبادرات، والحوارات والمؤتمرات السياسية، والتي غالباً ما تنتهي ببيانات مكررة عن أهمية الحل السياسي السلمي في ليبيا، لكن الواقع يقول إنه الحل المرفوض لسنوات وهو ما عكسته الأوضاع البائسة التي تشهدها ليبيا رغماً عن الجميع.