(تبسي الغزالة) و(حوتة الشابي).. صدفة أم خطأ؟!
الحسين المسوري
عادت قضية اختفاء (تمثال الغزالة) بمدينة طرابلس إلى الواجهة هذا الأسبوع بعد أن قامت البلدية بإعادة تدشين نافورة جديدة في مكانه، وأزالت النخيل المحيط به، حيث أثار التصميم الجديد موجة من الاستياء العام على الصفحات الليبية بمواقع التواصل الاجتماعي، على غرار الاستياء الذي صاحب تدشين مجسم (الحوتة) في منطقة الشابي بمدينة بنغازي.
وميدان الغزالة هو ميدان صغير به نافورة بها امرأة تمسك بجرة وتعانق غزالة، صممه الفنان الإيطالي، أنجلو فانيتي، مطلع ثلاثينات القرن العشرين، وجاء حادث اختفاء تمثال الغزالة في سنة 2014، بعد أن تم استهداف التمثال فيما سبق بقذيفة (آر بي جي) أثناء سيطرة قوات (فجر ليبيا) على المدينة، مما أحدث فيه ثقبًا كبيرًا.
ومنذ اختفاء تمثال الغزالة، نلاحظ أن البلاد تشهد موجة من العداء للفن والجمال، حيث أغلب التصاميم التي أقيمت للمجسمات والنصب التذكارية الجديدة لم نر فيها لمسات جمالية إبداعية، وهو ما يطرح الأسئلة عن هوية مصممي ومنفذي هذه الأعمال وعلاقتهم بفن النحت والفنون الجميلة بشكل عام، فعادة يتم عمل إعلان وتنشر صور التصاميم المقترحة للتصويت عليها من قبل سكان المدينة، مع ذكر اسم المصمم والفنان وصاحب الفكرة والمنفذ لها.
صحيح أنه في ثقافتنا لا يوجد اهتمام بالنصب التذكاري، بل إن الاحتفاء بالجمال يعتبر خطيئة بعد المد الوهابي الذي اجتاح البلاد، ولكن السؤال هل الرقابة الدينية أصبحت حاضرة في ذهن الفنان الليبي خصوصا بعد إزالة تمثال الغزالة؟! فكل النصب التذكارية والمجسمات الحالية لم نرَ الفنان الليبي يجسد فيها أي وجه أو ملامح لإنسان أو كائن حي، أم أن المسؤولين عن هذه الأعمال هم من يفرضون هذه الشروط، لأن التصاميم الجديدة من (خازوق ميدان الشهداء) و(خازوق منتزه الشعاب العائلي)، حسب تعليقات كثير من الليبيين، و(حوتة الشابي) وصولاً إلى (تبسي الغزالة)، تشير إلى أن الأمر ليس مجرد خطأ أو صدفة.
ورغم إزالته وتغيير هذا المعلم سيبقى تمثال الغزالة أحد معالم مدينة طرابلس المحفوظة في ذاكرة الناس، وهنا نشير إلى أن المحافظة على معالم المدن والنصب التذكارية والاهتمام بها في كثير من دول العالم لم يعد أمرا روتينيا تقوم به البلدية أو مصلحة الآثار، بل أصبح أحد مصادر الجذب والدخل، حيث يقصد المواطنون والسياح زيارة هذه المعالم بسبب رمزيتها للحدث الذي أقيمت من أجله، أو لأن المعماري أو الفنان النحات استطاع إنجاز مجسم فيه من الجمال والإبداع ما يتفوق حتى على شهرة وقيمة الحدث نفسه.