بين مراوغة المشري وتسديدة عقيلة .. لمن تحسب النقاط؟
في خطوة قد تكون استباقية من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، لقطع الطريق أمام مساعي رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وعدد من أعضاء مجلس النواب للانقلاب على اتفاق كان قد تم بين المجلسين على إعادة هيكلة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.
ولإحراج الأعلى للدولة وتذكيره بما تم الاتفاق عليه وإعلانه للملأ، أعلن مجلس النواب عقب جلسة تصويت عقدها يوم أمس الإثنين، عن تضمين الاتفاق السياسي بشرط تقليصه بأن يكون رئيسا ونائبين.
ويعتقد مراقبون أن لجوء البرلمان لهذا الأمر جاء بعد قيام رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري الممثل لتيار الإسلام السياسي، بمراسلة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج تتضمن ترشيح عبد المجيد سيف النصر نائبا لرئيس المجلس بديلاً عن العضو المستقيل سلفاً موسى الكوني، يعتقد أنها خطوة قد تعقبها خطوات أخرى من هذا التيار لاقتراح تعويض بقية الأعضاء المستقيلين.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد أعلن أكثر من 160 عضوا من مجلسي النواب والأعلى للدولة تأييدهم لترشيح سيف النصر في خطوة وصفها مراقبون بمسعى من هذا التيار لإنقاذ وجوده على الساحة السياسية بعد أن بات مهددا لاسيما في ظل تصريحات تمت نسبتها إلى قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر على هامش مشاركته في قمة أمنية في إطار فعاليات مؤتمر باليرمو الدولي بشأن ليبيا، لمّح فيها إلى تقبله لبقاء السراج في منصبه شريطة تغيير باقي أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الممثلين للمتطرفين من وجهة نظره.
وأكد جانب من المراقبين أن التصويت على إقرار اتفاق تقليص أعضاء الرئاسي قد يصبح بحكم المعدوم الذي لن يلقى أي قبول محلي ودولي لوجود شكوك بشأن النصاب القانوني لجلسة مجلس النواب التي شهدت التصويت، لأن العدد المطلوب للمصوتين يجب أن يكون 120 فيما رجحت مصادر أن عدد من صوتوا لم يتجاوز الـ94.
ويرى المراقبون أن هذه المعطيات قد تجعل من مسألة مغادرة التشكيلة الحالية للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق للمشهد أمرا سابقا لأوانه، فيما توقّع جانب آخر من المراقبين بقاء العناصر الأساسية في المشهد بمسميات ووظائف جديدة.
أما الجانب الأخير من المراقبين يرى أن المجلس الرئاسي الحالي بات سلطة تصريف أعمال بعد إقرار مجلس النواب لاتفاق تغيير السلطة التنفيذية وهو ما يعني بقاءه في المشهد حتى نيل المجلس المقبل الثقة من مجلس النواب.
من جانبها عبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن ترحيبها بسعي مجلس النواب لإصدار التشريعات الضرورية للانتقال إلى مرحلة المؤسسات الثابتة، من خلال الاستفتاء على مشروع الدستور وإجراء انتخابات عامة، فيما لم تعلق بالتحديد عن قرار النواب بتقليص عدد أعضاء المجلس.
واعتبرت آراء مؤيدة لنتائج جلسة النواب يوم أمس، أنّ تصريح البعثة الذي جاء عبر صفحتها على “تويتر” يعتبر موافقة ضمنية على كل ما صدر من قرارات تم التصويت عليها خلال الجلسة، فيما انتقدت آراء مخالفة كل ما صدر عن النواب من قرارات خلال هذه الجلسة، استناداً على شكوك حول اكتمال نصاب الجلسة.
وما يدعو للاستغراب والسخرية في آن واحد، أن من ضمن المنتقدين والمشككين في صحة جلسة التصويت هم نواب منتخبون آثروا الابتعاد عن حضور الجلسات بمحض إرادتهم، ليقفوا موقف المعارض عن بعد في كل خطوة يحاول أن يخطوها البرلمان، مستغلين ضعف اللائحة الداخلية لمجلس النواب التي لا تحمل أي بنود تفرض عقوبات معينة على الأعضاء المتغيبين عمداً عن جلسات المجلس فيما يستفيدون من كل المزايا وعلى رأسها المرتب الضخم الذي يتقاضونه ولا يقدمون مقابله أي شيء قد يعود بالنفع على البلاد.