فرج عبدالسلام
“لم أعد أنتظرُ أيّ شيء
ولم يعدْ بوسعي
أن أنتظرَ أيّ شيء
الكلمةُ الوحيدةُ التي تبقّتْ
في حلقي هي
كفى
القطرةُ التي لا تَتلوها قطرة
كفى
الظلُّ الذي يعصرُ ظلّه
إلى ما لا نهاية
كفى
الصمتُ الذي يجرحُ
قلبي بلسانِه
كفى
الحياةُ التي تركتها خلفي تصرخُ
كفى
الموتُ الذي يتهادى أمامي الآن
كفى
كفى”
الشاعر: “كمال أخلاقي”
من يلومنا إذا خالفنا القاعدة كما اعتدنا دائما، فالمنطقُ شدّ الرحال مبتعدا عنا في هذا الزمن المشؤوم. جرت العادةُ أنّ النقطة مكانها آخر السطر وليس أوّلهُ، كناية عن الفصل في الخطاب بما يفيد وصول الرأي إلى منتهاه. لكنه عرسُ الدم الليبيُّ الذي ما انفك يطاردُ أحلامنا، ويذكّرنا بأن شهوة الدم لم تخفت بعد، منذ ذلك الانقلاب المشؤوم الذي تذكّرنا بالأمس إحدى محطاته المرعبة في احتفالاته السنوية الماجنة، التي اعتاد تعميدها بأرواح الليبيين.
يبدو أن الولوغ في دماء بعضنا البعض، صار جانبا أصيلا في حياتنا، وأصبح استسهالُ زهقِ الأرواح أمرا شائعا وهيّنا، والكلُّ يقسِمُ، ويؤكد أنّ ذلك كله من أجل ليبيا فقط، والكلُّ يصفُ قتلاه بالشهداء الذين يسقطون دفاعا عن الوطن.. وحفظ الله ليبيا.
طوال أربعة عقودٍ استعبدنا ذلك المستبدُّ بأفكاره المارقة، فأفسد العقول، ، وبدّد الثروات، واستحيا النساء، والأسوأ أنه سفّه بأفعالهِ فكرة الانتماء للوطن.. وعندما جاءت الفرصة اللؤلؤية التي وهبتها لنا الصدفةُ، لم نحسن استغلالها، لأنّ ميراث دولة الاستبداد ما يزال معشعشا فينا، وحاضرا في أذهاننا، ولأنّ تيّاراً يدّعي أنه الأقرب إلى السماء، قام بمناورة هبلة، ونفّذ بدهاءٍ تسنده القوة الغاشمة، ما نسميه في أمثالنا الشعبية بـ “خربة سوق” فانقلب بكل صفاقة على خيارات الناس، لتستأنف مواكب سفك الدماء مسيرتها، لنسقط في دوامة عنف لا نهاية لها.
مطالبُ السواد الأعظمِ من الليبيين بسيطةٌ… دولةٌ تنعم بالأمن والرخاء في ظل مؤسستي جيش وشرطة حقيقيتين مثل كل الدول، وانجلاء هذا الظلام الطويل الذي ساد في ظل فوضى السنوات الثماني، يتمثل في إلغاءُ كل هذه التشكيلات المسلحة التي تعيق قيامة الدولة الحديثة التي طالما حلم الناس بها، ويصرُّ أفرادُها على مواجهة الناس بديسكة الثورة ما عنّ لهم ذلك، وأهمُّ ما ينشده الليبيون هو التداولُ السلميّ على السلطة في دولة مدنية ديموقراطية، فقد اكتووا بنار الاستبداد، ولن يعودوا إليه تحت أي مسمّى…
ونحنُ ننتظر مبعوثا أمميّا سابعاً، أشفِقُ على المبعوث السادس، أو “بو الحجاجات” كما عيّرهُ، وكال له السبابَ أحدُ النافخين في نار الفتنة من “النخب السياسية” التي أوصلت ليبيا إلى مأزقها الراهن. فالمبعوثُ الأمميُّ يحاولُ جاهدا وقف نزيف الدم، وهدر المال العام، وتشظي الوطن. وما تزال عينُه على مؤتمر غدامس، بالرغم من تبعثر أوراق المنطق. لكن الرجلَ لا يستوعبُ بعد المثل الليبي الشهير حول ( الأشلم والنفخ في النار) وأنّ ميراثنا من الاستبداد والعنفِ الأهوج أعلى من كل الأصوات، وهو ما يحكمُ خياراتنا وأفعالنا الشائنة بحق الوطن. فما يزالُ لدينا مخزونٌ هائلٌ من الحمقِ والقبحِ لم نستخدمه بعد…
أختتمُ بهذه التدوينة السوداوية التي رصدتُها على وسائل التنابز الاجتماعي:
القوات الليبية تجهز ف نفسها للهجوم على القوات الليبية
والشعب الليبي خايف من القوات الليبية
والليبيين خايفين من الليبيين التانيين
لأن الليبيين الأولين مشكلين خطورة على الليبيين التانيين
والسؤال هو من نحن!!!؟؟؟