بعد أزمة انقطاع المياه.. أهالي طرابلس يحفرون الآبار بحثا عنها
طرابلس (رويترز) – بدأ سكان في أنحاء العاصمة الليبية طرابلس الحفر في الشوارع للوصول إلى الآبار في بحث يائس عن المياه بعد انقطاعها عبر الصنابير في تدن جديد لأحوالهم المعيشية.
وبعد سنوات من الإهمال قطع عمال المياه بسبب أعمال صيانة عاجلة هذا الشهر مما أوقف الإمدادات لكثير من المنازل في طرابلس ثم خربت جماعة مسلحة شبكة المياه مما أطال من أمد المعاناة.
وتعتبر أزمة المياه مثالا قويا على فشل الدولة في بلد كانت يوما واحدة من أغنى بلدان الشرق الأوسط لكنها تعاني من اضطرابات منذ انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي.
وبالنسبة لليبيين تتجسد الفوضى في انقطاع الكهرباء واستمرار أزمات السيولة النقدية. وتتفاقم هذه الأزمات بسبب الاشتباكات بين جماعات مسلحة تتنافس على السيطرة والنفوذ في الدولة الغنية بالنفط والفقيرة حاليا في بنيتها التحتية.
وقال ناصر سيد وهو مالك عقار في حي بن عاشور الراقي في العاصمة “المياه مقطوعة منذ عشرة أيام. الدولة لا تفعل شيئا”.
واستأجر حفارات لاستخراج مياه جوفيه من عمق 31 مترا للشقق الست التي يتألف منها المبنى السكني الذي يملكه بعد أن استعان بمولد كهربائي لاستخدامه وقت انقطاع الكهرباء التي تستمر أحيانا أكثر من يوم.
وقال “لا ماء.. لا كهرباء.. أصبحنا دولة داخل الدولة… لم نضطر لفعل ذلك ربما منذ 20 عاما مضت”.
ومثل الكثير من الليبيين يتشكك سيد في احتمالات نجاح محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة في توحيد الفصائل والكتائب المتناحرة.
وانتهت جولة من المحادثات الأسبوع الماضي دون إشارة تذكر على تحقيق تقدم نحو تشكيل حكومة يمكنها أن تعيد الاستقرار إلى ليبيا والوقوف بحزم في وجه الجماعات المسلحة التي سيطرت مرارا على منشآت نفطية وأصول أخرى مملوكة للدولة للضغط من أجل تنفيذ مطالبها.
وواجهت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس صعوبات في فرض سلطتها منذ وصول قادتها للعاصمة في مارس آذار من العام الماضي.
وقالت جماعة مسلحة في جنوب ليبيا في الأسبوع الماضي إنها أغلقت إمدادات المياه من النهر الصناعي الذي أقيم في عهد القذافي وهو نظام لنقل المياه عبر أنابيب يضخها من تحت الصحراء الشاسعة في الجنوب الليبي للمناطق الساحلية مثل طرابلس.
وقال توفيق الشويهدي أحد مديري مشروع النهر الصناعي العظيم في مدينة بنغازي شرق البلاد إن الجماعة تطالب بالإفراج عن قيادي مسجون لدى جماعة منافسة في العاصمة.
وقال “بدأنا أعمال صيانة في 16 أكتوبر وأوقفنا الإمدادات عن طرابلس”.
وأضاف قائلا “بعد ذلك أضرمت جماعة مسلحة …النار في إحدى محطات الكهرباء وأغلقت ثلاث محطات أخرى و24 بئرا”.
حرم ذلك السكان من المياه وأنعش عمل المشتغلين بحفر الآبار الذين يحصلون على ما بين 4000 و 6000 دينار ليبي (2940-4410 دولارات بالسعر الرسمي) مقابل الوصول إلى المياه الجوفية.
وقال عبد السلام فرجانية وهو عامل يبلغ من العمر 23 عاما يساعد في تشغيل منصة حفر قديمة “حفرنا نحو ثلاثة آبار في أسبوعين — استغرق الأمر نحو ثلاثة إلى أربعة أيام لحفر بئر واحدة”.
لا توجد ميزانية
وبدت بعض مناطق طرابلس طبيعية وقلت حالات انقطاع الكهرباء منذ الصيف.
وانحسرت أيضا الاشتباكات الكبيرة بالمدينة منذ انضمت مجموعة من الجماعات المسلحة إلى حكومة الوفاق الوطني في وقت سابق من العام الجاري.
لكن الوضع الأمني لا يزال هشا. وخطفت واحدة من أقوى جماعتين مسلحتين رئيسا سابقا للوزراء في أغسطس لمدة تسعة أيام وخاضت الأخرى معركة في أكتوبر تسببت في إغلاق المطار.
وفي الآونة الأخيرة شاهد صحفي من رويترز شارعا تجاريا مزدحما يفرغ فجأة من المارة فور قيام مسلحين بقتل شخص بالرصاص. وعمليات الخطف مقابل الفدية منتشرة في ليبيا.
وزاد الصراع الذي تفاقم في عام 2014 الضغط على سكان طرابلس الذين زاد عددهم إلى ثلاثة ملايين بوصول أسر نازحة من مدن ليبية أخرى.
وتتهاوى الخدمات الصحية العامة وينتشر التضخم وتأجل بدء العام الدراسي الجديد لعدة أسابيع بسبب مشاركة المدرسين في إضراب بشأن الأجور.
وتسببت عمليات إغلاق منشآت النفط في ضعف الإيرادات مما أسفر عن إنفاق مبالغ قليلة على الصيانة والإصلاح كما أضيرت شبكات المياه وغيرها من منشآت البنية التحتية.
وتخصص الحكومة معظم إنفاقها لدفع رواتب الموظفين ومنها جماعات معارضة سابقة وضعت على قوائم رواتب موظفي الدولة بعد الإطاحة بالقذافي.
وقال ناجي السيد رئيس هيئة المياه الليبية إن الميزانية لم تصل للهيئة منذ عام 2011 باستثناء الميزانية الطارئة وأرجع السبب إلى المصاعب المالية التي تواجهها الدولة.
وتراجع إنتاج محطات تحلية المياه بشكل حاد .. حيث انخفض في محطة بمدينة زوارة في غرب البلاد من 80 ألف لتر مكعب إلى 16 ألفا في العام.
وقال السيد إن المسؤولين يعملون جاهدين لحل الأزمة لكن لم يتضح بعد متى سيتم حلها. وخلال حديثه وصلت عربة صهريج لنقل المياه إلى المبنى.
وقال المسؤول الليبي إنه في غياب قطع الغيار المناسبة ونقص الميزانيات واستمرار حالة الاضطراب والفوضى الأمنية فإن الناس لن تلتزم بالقانون مشيرا إلى أن هذه العوامل تؤثر على أداء “النظام”.