بأجواء أوبرالية من نمط موسيقى الروك، تسجّل السينما عودتها الكبيرة الثلاثاء من خلال افتتاح مهرجان كان الذي ألغيَ عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، بحضور نجوم سَمح لهم بعدم وضع الكمامات على درج المهرجان قبل انطلاقه بفيلم “انيت” للمخرج ليوس كاراكس.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، أوضح آدم درايفر الذي يتولى مع ماريون كوتيار بطولة هذه الكوميديا الغنائية التي تشكّل أول فيلم للمخرج الفرنسي منذ “هولي موتورز” قبل تسع سنوات “إن كوفيد لا يزال موجوداً، لكن المشاركة في عودة المهرجان، وفي افتتاحه، (…) تولّد شعوراً بالارتياح والحماسة”.
وهذه الحماسة تشاركه إياها أيضاً نخبة السينما العالمية التي تعود إلى الكروازيت بعد أكثر من عامين على تسلّم الكوري الجنوبي بونغ جون هون السعفة الذهبية عن فيلم “باراسايت”، تركت خلالهما الجائحة ومعها إقفال دور السينما مدى أشهر، أثراً سلبياً عميقاً على القطاع.
وتشكّل عودة المهرجان نوعاً من قيامة لاقتصاد المنطقة المحلي المنكوب بسبب الجائحة، ولو أن من غير المتوقع أن يصل عدد الحضور خلاله 40 ألفاً كما في العام 2019، بل “ما يقرب من 28 أو 29 ألفاً”، بحسب المفوض العام للمهرجان تييري فريمو الذي لاحظ تراجعاً بنسبة 30 إلى 35 في المئة في عدد الصحافيين المصرح لهم بحضور فعالياته، بسبب صعوبات السفر.
ويُعقد بعد ظهر الثلاثاء المؤتمر الصحافي التقليدي للجنة التحكيم التي وصل أعضاؤها إلى مدينة كان والتقوا مساء الاثنين حول عشائهم الأول، قبل انطلاق الماراثون السينمائي. وأُدرج أربعة وعشرون فيلماً هذه السنة ضمن المسابقة الرسمية لمخرجين متنوعين، من الشابة جوليا دوكورنو إلى بول فيرهوفن، مروراً بالإيطالي ناني موريتي والروسي كيريل سيريبنيكوف وسواهما، على أن توزع الجوائز في 17 يوليو.
ومن المتوقع أن يقدم رئيس لجنة التحكيم سبايك لي، وهو أول أسود يتولى هذا المنصب ، شرحاً عن الطريقة التي يعتزم اتباعها لتنفيذ هذه المهمة. وكان المخرج النيويوركي الناشط في مكافحة العنصرية والمطالبة بالتنوع، وهو موضوع ساخن في عالم السينما اليوم، عُيّن رئيساً للجنة دورة العام الفائت قبل إلغائها.
وتشكّل النساء غالبية أعضاء لجنة التحكيم الذين سيحيطون بسبايك لي، وبينهم نجمة الأغنية الناطقة بالفرنسية ميلين فارمر، والمخرج البرازيلي كليبر ميندونسا فيلهو، ونجم السينما الكورية الجنوبية سونغ كانغ هو.
– “عرض كبير” –
منذ ما بعد ظهر الاثنين، بدأت الأجواء الاحتفالية تعمّ الكروازيت وفُرشت السجادة الحمراء التي ستلمع فلاشات المصورين في محيطها عندما يتوالى مرور النجوم عليها.
ومع أن دخول المهرجان مشروط بإبراز شهادة مرور صحية، ووضع الكمامة إلزامي حتى في المساحات الخارجية، سُمح بعد وضعها للفنانين لدى وجودهم على درج قصر المهرجانات.
ولا تقل الإجراءات الأمنية أهمية عن تلك الصحية، وقد أُُرسلت تعزيزات للشرطة إلى المدينة التي ستكون مراقبة بكل الوسائل الممكنة، أكان بواسطة الدوريات الراجلة، أو بالاستعانة بالخيالة والدرّاجين، أو باستخدام كلاب الاثر. .
وستسرق ضيفة الشرف في افتتاح المهرجان الممثلة جودي فوستر (58 عاماً) الأضواء، إذ ستعطي إشارة الانطلاق للدورة الرابعة والسبعين. ومن المقرر أن تُمنح فوستر سعفة ذهبية فخرية تكريماً لها عن مجمل مسيرتها التي حصلت خلالها على جائزتي أوسكار وكان من أبرز الأفلام التي شاركت فيها خلالها “تاكسي درايفر” (1976) و”سايلنس أوف ذي لامبس” (1991).
وشكّل عرض “أنيت” خلال الافتتاح بداية المسابقة. وهذا الفيلم الذي تولت فرقة “سباركس” الأميركية الشهيرة كتابة السيناريو والموسيقى فيه، يروي قصة الممثل الكوميدي هنري (آدم درايفر)والمغنية ذات الشهرة العالمية آن (ماريون كوتيار)، تُحدث ولادة طفلتهما المميزة جداً اهتزازاً في علاقتهما.
وتوقعت ماريون كوتيار في حديث لوكالة فرانس برس أن يكون لهذا “العرض الكبير” وقصة الحب المأسوية الجميلة هذه اثر قوي على الجمهور بعد أشهر من الحجر والحياة الاجتماعية المعطلة.
ويتناول الفيلم صعود وسقوط نجم وتتوافر فيه كل مقوّمات إعجاب الجمهور ولجنة التحكيم على السواء، إذ يتضمن تلميحات مستوحاة من حركة #مي تو التي شجعت ضحايا التحرش والاعتداءات الجنسية على التحدث علناً عما تعرضن له، ويتطرق إلى موضوع صعوبة التوفيق بين الشهرة وبناء أسرة… وتتخلله مشاهد مذهلة على الدراجات النارية في ظلمة ليل لوس أنجليس.
أما عندما تظلم صالة قصر المهرجانات في كان وتُطفأ الأنوار لعرض الفيلم، فسيخرج منها الممثل ذو الأداء الجذاب آدم درايفر جرياً على عادته لأنه لا يحب أن يشاهد نفسه على الشاشة، وسيلجأ “إلى مكتب ما” لانتظار انتهائه. وقال “هناك سألهو بالدباسة أو بالشريط اللاصق وأعود إلى الصالة عندما تضاء الأنوار مجدداً (…) وسأتظاهر بأني بقيت فيها طوال الوقت!”.