بايدن يقترب أكثر من الفوز.. وترامب يدعي حدوث “تزوير”
حقق المرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن تقدما طفيفا على منافسه الرئيس دونالد ترامب في ولاية ويسكونسن اليوم الأربعاء بعد أن أنهى المسؤولون إحصاء الأصوات في الولاية الحاسمة في دفعة قوية لمسعاه للوصول للبيت الأبيض.
يأتي ذلك رغم إعلان الرئيس الجمهوري ترامب فوزه دون أن يقدم أي سند وحديثه عن مزاعم لا أساس لها بتزوير الاقتراع.
كما تقدم بايدن في ولاية حاسمة أخرى بمنطقة الغرب الأوسط وهي ميشيجان بينما يتسابق مع ترامب للحصول على 270 صوتا في المجمع الانتخابي، وهي الأصوات المطلوبة للفوز بالرئاسة. وفاز ترامب بكل من ويسكونسن وميشيجان في 2016.
وقالت حملة ترامب إنها رفعت دعوى قضائية في ولاية ميشيجان لوقف إحصاء الأصوات بعد ظهر اليوم الأربعاء (بالتوقيت المحلي).
وقالت الحملة في بيان “رفعنا دعوى اليوم في محكمة الدعاوى بميشيجان لوقف الإحصاء حتى يتسنى لنا الوصول دون قيود (إلى مراكز الإحصاء). كما نطالب بمراجعة تلك البطاقات التي جرى فتحها وإحصاؤها دون أن نتمكن من الاطلاع عليها”.
ويتقدم بايدن حاليا بفارق نحو 45 ألف صوت بعد فرز أكثر من خمسة ملايين في ميشيجان.
وذكر مركز إديسون للأبحاث أن المسؤولين في ويسكونسن أنهوا إحصاء الأصوات في حدود منتصف النهار بعد مواصلة العمل طوال الليل وأن بايدن حقق تقدما بنحو 20 ألف صوت أو ما يوازي 0.6 بالمئة. وقالت حملة ترامب على الفور إنها ستطلب إعادة إحصاء الأصوات في الولاية، وهو ما يسمح به القانون إذا كان الفارق بين المرشحين أقل من واحد بالمئة.
وسيقلل فوز بايدن في ويسكونسن بشكل كبير من فرص ترامب في ولاية ثانية مدتها أربع سنوات لكن النتيجة لم تحسم ولا تزال محل شك مع استمرار إحصاء الأصوات في ولايات التنافس محتدم فيها بشدة ومن بينها بنسلفانيا وأريزونا ونيفادا وجورجيا ونورث كارولينا.
وحقق ترامب تقدما في ولايتين جنوبيتين هما جورجيا ونورث كارولاينا وأيضا في بنسلفانيا التي لا يزال فيها أكثر من مليون صوت لم تحص بعد.
لكن إذا خسر ترامب ويسكونسن فيجب أن يفوز بتلك الولايات الثلاث ومعها إما أريزونا أو نيفادا وتلك الأخيرة يتقدم فيها بايدن أيضا وفقا لأحدث بيانات فرز الأصوات.
وقال مركز إديسون للأبحاث إن بايدن يتفوق حاليا على ترامب في أصوات المجمع الانتخابي حيث حصل المرشح الديمقراطي على 227 صوتا مقابل 213 صوتا للرئيس دون احتساب ويسكونسن. وتعتمد أصوات المجمع الانتخابي على الوزن السكاني لكل ولاية ضمن محددات أخرى.
وفي مؤتمرين صحفيين عبر الهاتف في وقت سابق اليوم، أكد مسؤولون من الحملتين أن مرشحهم سيفوز.
وقال بيل ستبين مدير حملة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب اليوم الأربعاء “إذا أحصينا جميع الأصوات الصحيحة سنفوز.. سيفوز الرئيس”، مما يعد الساحة للطعن على إحصاء الأصوات.
وقالت جين أومالي ديلون مديرة حملة بايدن اليوم الأربعاء إنه ماض على طريق الفوز بالانتخابات بينما قال بوب باور مستشاره القانوني البارز إن ترامب لا يملك أسسا قانونية يبطل بها أصواتا تم الإدلاء بها بصورة قانونية.
وأضاف “سندافع عن ذلك التصويت الذي انتُخب فيه بايدن للرئاسة” مشيرا إلى أن الفريق القانوني للحملة مستعد لأي طعون.
ومن المتوقع أن يلقي بايدن خطابا في وقت لاحق اليوم الأربعاء.
وواصل ترامب هجومه دون دليل على عملية إحصاء الأصوات عبر تويتر اليوم الأربعاء بعد ساعات من إعلانه النصر في انتخابات أبعد ما تكون عن الحسم. ووضع موقعا فيسبوك وتويتر تحذيرات على عدة منشورات من الرئيس بسبب ترويجها لمزاعم مضللة.
وقال ترامب “كنا نستعد للفوز في هذه الانتخابات. بصراحة لقد فزنا بهذه الانتخابات” ثم وجه هجوما استثنائيا على العملية الانتخابية من رئيس في السلطة وقال “هذا احتيال كبير على أمتنا. نريد تطبيق القانون بطريقة ملائمة. لذلك سنذهب إلى المحكمة العليا. نريد أن يتوقف كل التصويت”.
ولم يقدم ترامب أي دليل لدعم مزاعمه المتعلقة بالتزوير ولم يشرح كيف سيعترض على النتائج في المحكمة العليا التي لا تنظر في الطعون المباشرة.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها في موعدها المقرر مساء أمس الثلاثاء لكن ولايات كثيرة تحتاج عادة لأيام حتى تنتهي من فرز بطاقات الاقتراع.
وزادت الغموض الذي يكتنف من سيحسم الانتخابات من قلق كثير من الأمريكيين بعد أن شهدوا حملة انتخابية ساخنة جرت في ظل الجائحة التي أودت بحياة أكثر من 231 ألفا في الولايات المتحدة وتسببت في خسارة الملايين لوظائفهم. كما شهدت البلاد اضطرابات استمرت لأشهر بسبب العنصرية واحتجاجات على وحشية الشرطة.
ولايات الجدار الأزرق
في التصويت الشعبي في أنحاء البلاد حصل بايدن اليوم الأربعاء على تقدم كبير بلغ 2.6 مليون صوت على ترامب. لكن ترامب فاز في 2016 على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بعد التقدم عليها في الولايات الحاسمة رغم أنها تغلبت عليه في التصويت الشعبي بما يقارب ثلاثة ملايين صوت.
وتبددت آمال بايدن في الحصول على فوز حاسم مبكر منذ مساء أمس الثلاثاء عندما حقق ترامب الفوز في ولايات فلوريدا وأوهايو وتكساس الحاسمة.
وإذا فاز بايدن في ولاية أريزونا، التي يحقق فيها حاليا تقدما على منافسه، والتي لم تصوت من قبل لمرشح ديمقراطي طوال 72 عاما إلا مرة واحدة، ستكون هي الولاية الوحيدة التي صوتت على خلاف نتيجتها في 2016.
وفي بنسلفانيا حقق ترامب تقدما ضخما بفارق ثلاثة ملايين صوت لكن مسؤولين هناك قالوا إنهم يشقون طريقهم وسط ملايين الأصوات المرسلة بالبريد والتي تعتبر مرجحة لكفة بايدن.
وقال حاكم الولاية الديمقراطي توم وولف في مؤتمر صحفي “هذا التأخير الذي نراه مؤشر على أن النظام ناجح”.
وفي ولاية مهمة لم تحسم بعد أيضا هي نيفادا، قال مسؤولوها إنهم لن يعلنوا تحديثا لنتيجة الإحصاء إلا غدا الخميس.
فرق من المحامين
لم يتضح ماذا كان يعني ترامب عندما قال إنه سيطلب من المحكمة العليا وقف “التصويت”. ولا تنظر المحكمة العليا في الطعون المباشرة لكنها تبت في قضايا رفعت إليها من محاكم أدنى درجة.
لكن خبراء قانونيين قالوا إن نتيجة الانتخابات قد تتعطل بسبب طعون في كل ولاية على حدة بشأن عدد من القضايا بما يشمل إمكانية إحصاء الولايات للأصوات التي تصل متأخرة عبر البريد وأرسلت في يوم الانتخاب ذاته.
حتى قبل يوم التصويت أمس، شهدت الحملات الانتخابية عددا قياسيا من الدعاوى القضائية في عشرات الولايات إذ أجبرت جائحة كورونا مسؤولي الانتخابات على الاستعداد لاقتراع لم يسبق له مثيل. وحشدت الحملتان فرقا من المحامين استعدادا لأي نزاع.
وسمحت المحكمة العليا من قبل لولاية بنسلفانيا بالمضي قدما في إحصاء أصوات جرى إرسالها عبر البريد في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني ولم تصل إلا بعد يوم الانتخاب بثلاثة أيام لكن عددا من القضاة المحافظين ألمحوا إلى استعدادهم لإعادة النظر في الأمر. ويعتزم مسؤولون في الولاية فصل تلك الأصوات جانبا كإجراء احترازي.
وقبل الانتخابات، قال ترامب إنه يريد من مجلس الشيوخ التصديق على مرشحته لعضوية قضاة المحكمة العليا آيمي كوني باريت لتكون بينهم حال نظر المحكمة في نزاع انتخابي. وانتقد ديمقراطيون الرئيس إذ بدا أنه يلمح إلى أنه يتوقع من باريت إصدار حكم لصالحه.
وقال ترامب مرارا، دون تقديم أي سند أو دليل، إن التصويت عبر البريد على نطاق واسع سيؤدي لتزوير على الرغم من أن خبراء الانتخابات الأمريكية يقولون إن مثل هذا التزوير أمر نادر الحدوث.
وستحدد الانتخابات أيضا الحزب الذي سيهيمن على الكونجرس الأمريكي لعامين مقبلين وبدا أن مساعي الحزب الديمقراطي للفوز بالنسبة الأكبر في مجلس الشيوخ لم تثمر.
وجاء أداء ترامب القوي في فلوريدا، التي يجب أن يفوز بها إذا كان سيعاد انتخابه، مدفوعا بتحسن نسب التأييد له بين ذوي الأصول اللاتينية.
وشكا نشطاء ديمقراطيون من أصل لاتيني منذ أشهر من أن بايدن يتجاهل شريحتهم من الناخبين ويصب تركيزا ضخما على الناخبين السود في مدن كبرى بالغرب الأوسط. وأظهرت استطلاعات رأي في ولايات رئيسية تراجع شعبية بايدن بين ذوي الأصول اللاتينية في الأسابيع السابقة ليوم الانتخاب.
ويترقب زعماء العالم نتيجة انتخابات حاسمة في الولايات المتحدة وتجنب أغلبهم التعليق على فوز أحد المرشحين في ظل الغموض القائم. ولم يخسر أي رئيس أمريكي محاولته للفوز بفترة ثانية منذ جورج بوش الأب عام 1992.
ويسعى ترامب للفوز بولاية أخرى بعد أربع سنوات اتسمت بالفوضى وكان من أبرز معالمها أزمة فيروس كورونا واقتصاد تضرر بشدة من إجراءات العزل التي طبقت لمواجهة الجائحة وأيضا محاولة درامية لمساءلته وتحقيقات في تدخل روسي في الانتخابات وتوتر عرقي وسياسات مثيرة للجدل تتعلق بالهجرة.
أما بايدن فيتطلع للفوز بالرئاسة في ثالث مساعيه لتولي المنصب بعد حياة سياسية طويلة استمرت 50 عاما وشملت توليه منصب نائب الرئيس لثماني سنوات في عهد الرئيس باراك أوباما.-(رويترز)