باحث تونسي يرصد أزمة النشاط الرعوي على الحدود مع ليبيا
رأى حمزة المؤدّب، الباحث غير المقيم في مركز مالكوم كير كارنيغي للشرق الأوسط، أن التدابير الأمنية المتزايدة على طول الحدود التونسية الليبية، قد أثرت سلبيًا على المجتمعات المحلية، خاصةً الفئات التي تشتغل في الرعي وتربية المواشي والزراعة البعلية “الرعوية” ، بعد أن تقلّصت مساحات الرعي والموارد المائية المتاحة.
وأوضح “المؤدب”، خلال تقرير نشره موقع المركز، أن المساعي الرامية إلى تعزيز الأمن كانت مُكلفة جدًّا، “فلطالما اعتمدت المجتمعات المحلية في المناطق الحدودية المهمّشة على الزراعة الرعوية والتفاعل عبر الحدود لتأمين سبل العيش، لكن نظرًا للتهديدات التي تواجهها هذه الأنشطة في الوقت الراهن؛ فقد تواجه الحكومة التونسية قريبًا “موجات جديدة من السخط الشعبي في أوساط سكان المناطق الحدودية”، كما يتوقع كاتب التقرير.
وأشار المؤدب إلى أنه نتيجةً للهجمات الإرهابية التي شهدتها تونس في أواخر العام 2015، عمدت الحكومة إلى تشديد قبضتها الأمنية من خلال تشييد جدار يمتدّ على مسافة نصف الحدود التونسية مع ليبيا، والبالغ طولها 500 كيلومتر، وعلى طول النصف الشمالي الأكثر اكتظاظًا بالسكان من هذه الحدود، أُقيمت منطقة عازلة بعمق 10 إلى 20 كيلومترًا لتشكّل خط الدفاع الأول، وقد كان جزءٌ كبير من أراضي هذه المنطقة مُخصّصًا لأنشطة الرعي، لكنه يخضع راهنًا لسيطرة الجيش التونسي الذي ينفّذ دوريات هناك وينسّق أنشطة السلطات الجمركية والحرس الوطني، فيما يشكّل النصف الجنوبي من الحدود، الذي يمتدّ من حاجز الذهيبة الحدودي إلى بُرج الخضراء، منطقةً عسكريّةً عازلةً يستوجب دخولها الحصول على تصريح من وزارة الدفاع.
وتوقع “المؤدب” أن الأزمة التي تشهدها المناطق الحدودية المهمّشة ستطيل أمد عدم الاستقرار الاجتماعي، فخلال السنوات الخمس الماضية، خاصة في العام 2020؛ واجهت الحكومة في تطاوين موجة احتجاجات دامت أشهرا عدة، ما عرقل عملية إنتاج النفط وأرغم الحكومة التونسية على تقديم تنازلات كبرى للسكان المحليين، “ولتجنُّب العودة إلى هذا الوضع”؛ يقترح الباحث أنه” يتعيّن على السلطات أن تتعامل بمرونة أكبر مع أمن الحدود، وأن تأخذ في الحسبان أوجه الضعف الاجتماعي والاقتصادي التي تعاني منها منطقة تتأرجح على شفير الهاوية، بكلِّ ما للكلمة من معنى”، بحسب توصيفه.