باحث أميركي: السيطرة على طرابلس يعني “تدميرها”
قال كبير الباحثين بمركز أولويات الدفاع الأميركي، الكولونيل دانيال ديفس، إن من يريد السيطرة على طرابلس بالقوة يجب أن يكون على استعداد لتدمير المدينة لأنه لا توجد طريقة أخرى لإخضاعها، وأضاف “لن تستطيع الاستيلاء على مدينة من طرف لا يريد التخلي عنها، إلا إذا كنت على استعداد لقتل أعداد كبيرة من الناس، وللتضحية بأعداد كبيرة من قواتك”.
وأكد ديفس لبرنامج “US-L”، على قناة “218NEWS”، أن الذي ليس لديه القدرة أو الرغبة في الانخراط في مستوى الدمار فيجب أن يتوقف الآن، فلا يمكن أن يكسب جانب هذه الحرب طالما أن كلا الجانبين مستعد للدفاع عما لديه، ويجب إدراك حقيقة توازن القوى الآن، وألّا يتواصل القتال يوما آخر وتتفاقم الخسائر.
ورأى ديفس أن المعركة في طرابلس استمرت لأنها منطقة حضرية شاسعة، حيث أصبحت حروب المدن والمناطق الحضرية هي الأصعب، وقال “لا أعتقد أن أيا من الطرفين يريد محو طرابلس من الخارطة.. ويمكن للطرفين تحريك الجبهة والحفاظ على المستوى الحالي من الدمار ولكنهما ليسا في أي وضع قريب بما يكفي لهزيمة الجانب الآخر عسكريًا”.
ودعا ديفس القيادة العسكرية الأميركية ألاّ تتبع خطوات الإدارة الأميركية في أفغانستان حيث لم تكن مستعدة للاعتراف بعدم قدرتها على تحقيق نصر عسكري، لافتا إلى أن الإدارة الأميركية لديها العديد من القضايا الساخنة وليبيا تأتي في آخر اهتماماتها، ربما هي السابعة أو الثامنة في القائمة، مستبعدا أن تكون هذه الإدارة قد تجاوزت القضية الأولى أو الثانية الآن.
ولفت الكولونيل دانيال ديفس إلى أنه لا يمكن تحقيق نصر عسكري، والخيارات إما أن تستمر في القتال، وخسارة الموارد دون جدوى، أو خسارة كل شيء، وقال “لن تنتصر لأنك لست قوياً بما يكفي لهزيمتهم، وأيضا الطرف الآخر ليس قويا بما يكفي لإلحاق الهزيمة بك، لذلك كل ما يمكنك الحصول عليه هو إدامة الصراع دون إمكانية الحل”.
وذكر ديفس أن القضية الليبية لن يتم حلها في فترة قصيرة مهما كان الأمر، حتى لو نقلتاها الإدارة الأميركية إلى رأس أولوياتها، موضحا أن الليبيين سئموا الحرب ويريدون الاستمتاع ومشاهدة بعض من كرة القدم على التلفزيون.
وبشأن علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، قال دانيال ديفس “لا أعتقد أن الرئيس ترامب يميل إلى حفتر أكثر.. وقيامه بإجراء تلك المكالمة الهاتفية مع حفتر أمر محيّر وكانت مربكة للغاية”.
ورأى أن ليبيا ليس لها قيمة جيوسياسية للولايات المتحدة سواء في مجال الطاقة أو الاقتصاد أو التجارة، داعيا الليبيين لأن يعوا أنهم نتاج ثقافة واحدة، وتربطهم صلات قرابة، ولهم تاريخٌ مشترك، وإن كانت لديهم وجهات نظر مختلفة. وعلى كل طرف أن يقول دعونا نقدم تضحيات ونقوم بتسويات، وكل ما هو ضروري من أجل الصالح العام.
وأشار ديفس إلى أن استمرار داعش في ليبيا يكشف حقيقة عدم جدوى محاولة استخدام القوات العسكرية التقليدية لتدمير منظمة إرهابية، حيث لا يمكن تدمير عقلية وأفكار ما باستخدام القوة الجوية، مبديا معارضته لفكرة أن الولايات المتحدة هي الرائدة في الحرب على الإرهاب.
ولفت ديفس إلى أن التدخل الأميركي لإسقاط نظام القذافي كان خطأ لعدم وجود مخطط لكيفية نهاية الوضع قبل أن يبدأ، ذاكرا أن سنوات طويلة مرت على الوضع الحالي ولن يختفي بسهولة، وقال “لا أرى شيئا في الأفق سيحل معضلة الحرب الأهلية في ليبيا”.
وبشأن دور القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا “أفريكوم”، رأى ديفس أنها الكيان الخطأ الذي يتخذ قرارات في ليبيا. فالعسكريون غير مؤهلين لاتخاذ قرارات سياسية، كما أن الولايات المتحدة ليس لها فكرةٌ متماسكة أو استراتيجية واضحة تغطي شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
ويعتقد ديفس أن إحدى مشكلات الإدارة الأميركية هو أنها نقف بشكل أساسي مع طرف واحد، وتقدم له كل الدعم العسكري وجميع أنواع المساعدة، موضحا أن تزويد أطراف النزاع بالأسلحة والدعم يقلل من رغبتهم في التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض.
وأكد كبير الباحثين بمركز أولويات الدفاع الأميركي، أهمية استخدام قوة أميركا الدبلوماسية ونفوذها لمنع الآخرين من التدخل، لأن الاستقرار في المنطقة بأسرها سيفيد كل البلدان المتدخلة في الشأن الليبي. والولايات المتحدة ملزمة كدولة ريادية في العالم بالقيام بدور القيادة في القضية الليبية، كما أن لأوروبا دورا مهما تلعبه في الملف الليبي، وأيضا فرنسا لها تاريخ وخبرة أكثر بكثير في ليبيا مما لدى أميركا.
وشدد الكولونيل دانيال ديفس على أهمية ألا يُستخدم جيش الولايات المتحدة للذهاب ومحاولة حل المشاكل المحلية في أي مكان في أفريقيا.