باحثاً عن “إسعافات معنوية”.. الرئاسي يتهور و”يتلاعب” مع الناتو
توالت ردود الفعل بين مُرحب ورافض لتصريحات رئيس حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في اتصاله الهاتفي مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، والتي جدد فيها تأكيده بأن الحلف لازال مستعداً لدعم المؤسسات الأمنية والدفاعية في ليبيا بناءً على طلب حكومة الوفاق الوطني عام 2018 .
ونشر الموقع الرسمي لحلف شمال الأطلسي بياناً بأبرز ما تم تناوله في الاجتماع الذي جاء بطلب من السراج، إلا أن بيان الناتو تعارض في بعض النقاط مع ما نقله المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي، فبحسب البيانين يبدوا أن المكتب الإعلامي للسراج استغل تصريحات ستولتنبرغ حول دعم الحلف المحتمل لليبيا وتأكيده على استعداد الحلف لبناء المؤسسات الأمنية والدفاعية في البلاد لإدانة القيادة العامة للجيش الوطني، فقد أشار بيان الرئاسي إلى أن “الأمين العام للحلف عبّر عن قلقه لتواجد عناصر من مرتزقة فاغنر الروسية في صفوف قوات الجيش الوطني” في إشارة لعدم احترام الحلف بوجود ما يزيد عن عشرة آلاف مرتزق سوري نقلتهم تركيا إلى ليبيا لدعم قوات الوفاق في الصراع المسلح الدائر في طرابلس وضواحيها.
وبحسب البيان الرسمي الذي صدر عن الناتو بشأن المكالمة التي جاءت بطلب من السراج، فقد أدان ستولتنبرغ خرق كافة الأطراف لقرار حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا الذي قال إن الأطراف الأجنبية الداعمة لطرفي الصراع قد اخترقته، إلا أن بيان الرئاسي نقل عكس ذلك واكتفى بالإشارة لتأكيد ستولتنبرغ على ضرورة تطبيق حظر وصول الأسلحة براً وجواً وعدم الاكتفاء بتطبيقه بحراً فقط ولم يُشر لإدانة الحلف لكافة الأطراف وليس طرفاً واحداً.
الرئاسي استمر في استغلال تصريحات أمين عام الناتو لدرجة إعلان توافق ستولتنبرغ مع السراج لتفعيل اللجان المشتركة بين الناتو وحكومة الوفاق الوطني لبناء القدرات العسكرية لقواتها والتأكيد على ما وصفه المكتب الإعلامي بموقف رئيس المجلس الثابت تجاه “دحر العدوان بكل الوسائل الممكنة”، بينما ذكر بيان الناتو أن ستولتنبرغ شدد على عدم وجود حل عسكري للأزمة في ليبيا، مشيراً إلى أن قرار مجلس الأمن رقم 2510 ونتائج مؤتمر برلين رسما مساراً واضحاً للحل السياسي في ليبيا وهو ما يدعمه حلف شمال الأطلسي تحت مظلة الأمم المتحدة.
ويعود دعم الحلف لحكومة الوفاق الوطني الذي جدد التأكيد عليه يانس ستولتنبرغ في الأيام الماضية، لقمة بروكسل للدول الأعضاء بالحلف التي عقدت في 11 يوليو عام 2018، والتي أدان من خلالها أعضاء الحلف التوسع الروسي في الشرق الأوسط، ليؤكد بيان الحلف حينها دعمه لعملية حل سياسي بقيادة الأمم المتحدة تهدف لتعزيز المصالحة الوطنية وبناء مؤسسات الدولية، كما رحب بالتزام طرفي النزاع في ليبيا بشكل بنّاء مع الأمم المتحدة والتوافق على إجراء انتخابات شاملة في البلاد بناءً على مخرجات مؤتمر باريس الذي عُقد في مارس من ذات العام.
كما أعلن البيان حينها أن الحلف مستعد لتقديم المشورة إلى ليبيا وأي مساعدة لبناء مؤسسات الدفاع والأمن استجابة لطلب رئيس حكومة الوفاق الوطني بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مع أخذها في الاعتبار الظروف السياسية والأمنية.
تصريحات ستولتنبرغ التي استُغِلّت لدعم حكومة الوفاق الوطني بدأت مع لقائه في لا ريبوبليكا الإيطالية التي أشار فيها إلى أن حكومة الوفاق هي الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ولا يجب مساواتها مع أي طرف آخر، وتأكيده على أهمية تركيا كحليف رئيسي للناتو.
إلا أن تصريحات ستولتنبرغ تناقضت مع سياسة الناتو التي استمرت في دعم الجهود السلمية والمبادرات السياسية والدبلوماسية ما يضع الحلف أمام تحدٍ جديد مع ليبيا بعد عام 2011، لتطرح تساؤلات حول نوايا الناتو للتحرك في ليبيا وما إذا كان سيرضخ لأجندات تركيا، أم أنه سينضم لسنوات من غياب التحرك الواضح والصريح للمجتمع الدولي حول ليبيا لإنهاء الأزمة التي تواصل تهديد حياة الليبيين منذ سنوات.