بابا نويل..أنا خائف
صلاح الساير
الرهاب أو الفوبيا مرض نفسي يشعر معه المريض بالذعر أو الضيق من حالة معينة. وأشهر حالاته فوبيا الأمكنة المرتفعة أو المظلمة وكذلك الرهاب الاجتماعي، وبعض الناس يحملون المعقمات معهم حيثما يذهبون بسبب فوبيا الجراثيم أو العدوى، وفي موسم الامتحانات يصاب بعض الطلاب بالأرق والصداع نتيجة فوبيا الامتحان exam phopia ومن المعروف أن معظم النساء يعانين من «فوبيا الصراصير»، أما أغرب حالات الرهاب والتي يتمنى المرء أن تتحول إلى وباء يصيب جميع البشر فهي «رهاب الثروة» ومن أعراض هذا المرض الزهد في الثراء وعدم الحرص على جمع المال!
***
ومع ذكرى عيد الميلاد أو الكريسماس التي يحتفل بها اخوتنا المسيحيون تتجدد لدينا حالة رهاب معروفة في منطقتنا حيث ثقافة الكراهية وغياب روح التسامح والخوف من السعادة، وأقصد فوبيا الفرح Hedono phobia حين يعمد البعض إلى تخويف الناس من مشاركة الآخرين أفراحهم، والتباكي على خصوصيتنا الدينية! وكأن محبة الآخرين واحترامهم ومشاركتهم الأفراح والأتراح ليست من خصوصيتنا الدينية. ويغيب عن ذهن هذا البعض أن طقوس الاحتفال بعيد الميلاد المجيد ليست جميعها من صلب الديانة المسيحية، كمثل «شجرة الميلاد» التي لحكايتها جذور تعود إلى ما قبل الأديان السماوية وتعتبر من التراث الإنساني.
***
موسم الكريسماس في مجتمعاتنا المسلمة (العربية) يتحول إلى حرب موسمية ضد الشجرة. حرب ضروس تتحرك فيها جحافل العاملين في التفكير والتنظير والتكفير والتحليل والتحريم والتجريم لمحاصرة «شجرة» وإعدامها في الوجدان الشعبي باعتبارها رمزا للشر(!) رغم أنها، في حقيقة الأمر، ترمز لمناسبة طيبة تذكرنا بميلاد السيد المسيح عليه السلام، وللمناسبة وجهان، الأول ديني تقوم فيه الكنائس بصلوات يحضرها اخوتنا المسيحيون، والوجه الآخر اجتماعي يتشارك فيه الجميع، ويتجلى في اجتماع العائلات الأصدقاء وتبادل الأمنيات، وقيام سانت كلوز (بابا نويل) بجلب الهدايا للصغار، ومع حلول الكريسماس يقترب العام من لحظة الوداع ليستقبل الناس عاما جديدا. إنه موسم خير يتحول إلى موسم شر ونزاع بسبب الفوبيا المزمنة!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “الأنباء” الكويتية