انحناء المحاربين!!
إسماعيل كمال
خروج مبكر ومؤسف لأبطال الكان، لم تُحقق خلاله الجزائر أي انتصار في بطولة أمم أفريقيا الثالثة والثلاثين، فملاعب الكاميرون جنت على محاربي الصحراء، والبداية كانت بالسقوط في فخ التعادل أمام سيراليون صاحبة التصنيف الثامن بعد المائة، قبل أن يخسر المباراة الثانية أمام غينيا الاستوائية بعد سلسلة وصلت إلى 35 مباراة متتالية بدون تلقي أي خسارة، الأمر الذي أسال كثيراً من الحبر على متابعي الكرة، لتأتي الضربة القاضية أمام منتخب الأفيال الذي تمكن من حسم المواجهة الأخيرة أمام بطل النسخة الأخيرة، بثلاثة أهداف مقابل هدف، ما وضع الجزائر خارج حسابات الكان من الدور الأول.
التتويج الأخير لمحاربي الصحراء في بطولة كأس العرب للمنتخبات الذي أقيم في أواخر العام الماضي مع سلسلة قياسية عالمية بعدد المباريات بدون هزيمة، وضعت أبطال القارة السمراء أمام ضغط كبير قبل الدور في منعرج البطولة الأفريقية.
الإخفاق في مواصلة رسم الفرحة في قلوب كل الجزائريين هو عنوان لبداية عام 2022، في عام المونديال الذي قيّم فيه نقاد ومتابعو كرة القدم المنتخب الجزائري من بين الأفضل، بل ووضعوا اسمه بين المترشحين إلى ثمن النهائي في كرنفال كرة القدم، الذي سيقام في نوفمبر المقبل في قطر التي شهدت التتويج بكأس العرب الأخير.
أتساءل دائماً عن السبب الذي يضع المنتخبات العربية في هذه الوضعيات، بعد التألق في البطولات الكبرى، هل هو الضغط الإعلامي الكبير الذي يُسلّط على اللاعبين؟ رغم أن أغلب لاعبي المحاربين ينشطون في الدوريات الأوروبية الكبرى، أم أن الكرة الأفريقية تشهد تطوراً كبيراً للمنتخبات أصحاب المراكز المتأخرة في السنوات الماضية؟!
صورة الجزائر في الكان عكست كل الترشيحات المبكرة لأفضل منتخبات القارة، وأيضاً في البطولات العالمية، وقد نرى اسماً جديداً يقود هذا الجيل المتميز في السنوات الأخيرة، بعد كشف شفرة المدرب جمال بلماضي الرجل الذي صنع السعادة الجزائرية الغائبة في عام 2019، وتواصلت لقرابة 3 سنوات متواصلة.
الذين تعاملوا مع بلماضي بهذا التحضُّر عليهم أن لا يضعوه في ضغط ضرورة تحقيق الانتصارات في المباريات القادمة، وإنما عليهم أن يشكروه على ما حققه في السنوات الأخيرة عندما اجتهد وأصاب، وأن يثمّنوا اجتهاده في الفترة الحالية والقادمة، حتى لو لم يصِب، فالحاجة في الفترة الحالية إلى المجتهدين أكثر من الناجحين، إيماناً بأن لكل مجتهد نصيباً، ولو بعد حين.
شخصياً أعتبر كل ما قدّمه المدرب جمال بلماضي في السنوات الماضية من تكتيك لمحاربي الصحراء تجربة راقية للغاية، ونموذجاً يُدرّس بعد غياب طويل عن منصات الألقاب والمنافسة على أغلى البطولات، فالتطور الملحوظ في توليفته التي جمعت كل المحترفين في العديد من الدوريات المهمة في فرنسا وإسبانيا وإنجلترا وألمانيا، إضافة إلى مزيج شاب ينشط في أهم الفرق الجزائرية نتج عنها واحد من أبرز أجيال الكرة العربية في السنوات العشر الأخيرة، إلا أن مشوار الحفاظ على النجاح ليس بالأمر السهل.
القادم سيكون أصعب على الجزائر بعد عطب ماكيناتها على تكملة مراحل الكان، فبعد شهرين ستخوض مواجهة الحسم ضمن ملحق التصفيات الأفريقية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2022، وحينها سيتضح ما إذا كان هذا التراجع مجرد كبوة جواد أم أنها مرحلة الانهيار.