الوافدون والغارمون والديرة
سمير عطا الله
يدور جدل في الصحافة الكويتية، وفي «الصحافة الموازية»، أي الديوانيات، حول وضع المقيمين، أو الوافدين. والنقاش جديد، أما المسألة فقائمة منذ زمن، في دولة حاضنة للمهاجرين العرب والآسيويين منذ ما قبل الاستقلال.
ربما كان مثل هذا الوضع قائماً في معظم دول الخليج، لكنه الأكثر قدماً وبروزاً في الكويت بسبب الأعداد الكبرى نسبياً من «البدون» والوافدين معاً.
المستجد في النقاش هو لهجته: بعضها ليس كويتياً، ولا مألوفاً في الكويت، ومن نوع كلام باطل يراد به حق. وهو مساوٍ أحياناً للكلام الحق الذي يراد به باطل. ويرفع مستوى الجدل كتّاب مثل سعاد فهد المعجل وغيرها من «أهل الديرة»، فيما يهبط به عن الأخلاقيات الكويتية فريق آخر، والأسماء ليست مهمة ما دام أصحابها يعبّرون عن أقليات لا يُعوّل على حدتها.
تطور الموقف من الوافدين إلى أزمة سياسية مع الفلبين. وبدل أن ترد الدولة بعصبية وتطلب إبعاد الجالية، تولت الحكومة معالجة المسألة بأرقى الطرق. وأظهرت للرئيس الفلبيني أنها حريصة على مواطنيه حرصها على حقوق كل مقيم، وأدى هذا الموقف إلى تجنب ضرر كبير كان يمكن أن يلحق بالفريقين: الأول في حاجة إلى عمّال، والثاني في حاجة إلى عمل.
ثمة جاليات كثيرة، عربية وسواها، أصبحت جزءاً من حياة الكويت، وصارت الكويت موطنها على مدى السنين، وليس الوطن الذي جاءت منه. الأكثرية الساحقة من أفرادها يحترمون القانون والتقاليد والأعراف. وبالتالي، فهم يستحقون المعاملة باحترام وأصول تليق بالمجتمع الكويتي. وإذا كانت الضرورات الاقتصادية والاجتماعية تفرض تقليل حجم العمالة الوافدة، فتلك أبسط حقوق الدولة وواجباتها. لكن لغة الإهانات المتلاحقة غير مقبولة من أحد.
الشهر الماضي أعلن أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد أنه سوف يسدد من حسابه الخاص، الديون المستحقة على جميع السجناء «الماليين». أي «الغارمين» والمقصّرين عن تسديد ما ترتب عليهم. لا حاجة إلى الإشارة أن الأكثرية الساحقة من هؤلاء غير كويتيين. وأعتقد أن الأمير اتخذ المبادرة لكي يقول للكويتيين والمقيمين على السواء، أن هذه هي سياسة الكويت حيال سكانها والذين بها. وهي لا تريد إهانة أحد على أرضها. وما يصدر بأخلاق غير كويتية، حتى لو كان عن كويتي، لا يمثل تقاليد هذه الديرة.