الهوني: الديمقراطية ليست سببا لـ”فبراير”.. وهذا “أقوى جنرال”
218 | خاص
خصّص الكاتب والسياسي الليبي الدكتور محمد عبدالمطلب الهوني أول إطلالة تلفزيونية له ل”وضع النقاط” على “الحروف السياسية” في الأزمة المركبة والمعقدة التي تعيشها ليبيا اليوم، إذ أطلق سلسلة من المواقف السياسية، التي من شأنها تشكيل “زلزال فكري” في المجتمع الليبي الذي اعتبره الهوني بأنه يخلو من التيارات المدنية التي لديها وعي عميق، مؤكدا أن دولة مثل ليبيا تبتعد “سياسيا وفكريا” عن دولة مجاورة مثل تونس نحو ستين عاماً، محددا أسس بناء الدولة القوية، معتبرا أن أولى هذه الأسس هي “قطع رأس التنين” في العاصمة طرابلس، عبر نجاح الجيش في تصفية المجموعات المسلحة التي تثير الفوضى، والتي لا يمكن بوجودها بناء دولة، والكلام دائما للهوني.
فبراير.. والديمقراطية
الهوني فجّر مفاجأة سياسية من العيار الثقيل حينما قال إن السابع عشر من فبراير حالة سياسية لم يقم بها الليبيين بحثاً عن الديمقراطية، معتبرا هذا الزعم بأنه “كذبة كبيرة” يمارسها ليبيون والمجتمع الدولي، لافتا إلى أنه لو لجأ نظام العقيد معمر القذافي إلى “تنمية مبكرة” تقود إلى “ازدهار اقتصادي حقيقي” لرضي الليبيين بأن يستمر حكم العقيد منه إلى أبنائه، ثم أحفاده بدون توقف، معتبرا أيضا أن العالم كان لديه “مشكلة وحسابات قديمة” مع العقيد معمر القذافي، وجاء لتصفيتها، ثم ترك العالم ليبيا رهينة ل”فوضى مدمرة”، معتبرا أن ليبيين كثر أظهروا معارضة للقذافي واتضح أنهم أرادوا مكانه ومنصبه، وقد فعلوا أسوأ بكثير مما فعل القذافي فقط في ثماني سنوات استلموا فيها السلطة.
كتل بشرية متساكنة
وفي موضوع الديمقراطية قال الدكتور الهوني إنه يستغرب تداول هذا المصطلح من نخب سياسية مارست اغترابا سياسيا عن ليبيا، وتعتقد أن ليبيا أو الدول المحيطة بها هي الولايات المتحدة أو سويسرا، مطالبا بتحديد معنى الديمقراطية، وقياس ما إذا كانت شعوب المنطقة تعرف تماما الديمقراطية بمعناها الحقيقي وليس “ديمقراطية ما يطلبه المستمعون”، معتبرا أن تحقيق ديمقراطية حقيقية تستلزم أولا دولة قوية جدا، عدا عن عقود عدة من التنمية الاقتصادية والبشرية لخلق مجتمع فعال يتقبّل الديمقراطية، معتبرا أن اختصار الديمقراطية بصندوق الانتخاب هو “جهل سياسي”، وتسطيح خطير للوضع في ليبيا، إذ يصف الهوني أشكال التعايش السياسي في الديمقراطيات غير الحقيقية بأنها “كتل بشرية متساكنة”، وأنها تتقاتل فيما بينها إذا ما انهارت أو ضعفت الدول القوية.
لا شراكة مع “الأخوان”
وشن الدكتور الهوني “هجوما لافتا على تنظيم الإخوان المسلمين معتبرا أن كوادره في ليبيا والدول المجاورة هم أشخاص خارج منظومة المواطنة لأن ولاءهم للتنظيم العابر للأوطان، وهؤلاء لا يمكن أن يعترفوا بسيادة أو وطن أو حدود، فهم مثلا يعتبرون “إمارة غزة” أهم من ليبيا والمغرب والجزائر وتونس، ولذلك فإنه لا فائدة من “الشراكة السياسية” مع جماعات الأخوان والإسلام السياسي، لأن مشاريعهم وطموحاتهم عابرة للأوطان والحدود، متوقعا أن يشهد الإسلام السياسي سلسلة من الانهيارات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، لافتا إلى أن “النسخة الإخوانية” في ليبيا ستزول تماما مع تمكن الجيش الوطني من “قطع رأس التنين” في طرابلس.
الحسم العسكري هو الحل
وطبقا للدكتور الهوني أيضا، فإن الحسم العسكري هو الحل الوحيد في ليبيا، وأن المسار السياسي منذ سنوات لم يوفر لليبيين سوى القهر والجوع والتراجع على مؤشرات عالمية عدة، عدا عن نهب أموالهم، وإنفاقها على المرتبات الوهمية والمليشيات والفساد الإداري، معتبرا أنه لا مستقبل في ليبيا لأي مسار سياسي، وأنه من الواجب على الليبيين ألا يقتنعوا مجددا بشعارات الحل والتفاوض سياسيا، إذ لن يكون هنالك بديلا عن الحل والحسم عسكريا، شارحا أنه إذا فشل الجيش الوطني في الدخول إلى طرابلس فهناك كارثة سياسية كبرى تنتظر الليبيين، محذرا من أن بقاء الجيش على أطراف العاصمة دون دخولها هو سيناريو مرعب، وإذا ما بقي على الأطراف وأدار تفاوضا سياسيا فهذا يؤشر إلى كارثة أكبر وأضخم في المرحلة المقبلة، قد تعني ثماني سنوات أخرى من حكم المليشيات وتبذيرها للمال، وانفاقها على “القتل والدماء”.
آخر فرصة
ويشير الهوني إلى أن معركة العاصمة ليست سهلة على الإطلاق وهي من النوع الصعب جدا معتبرا أنها تبدو “آخر فرصة” لإنقاذ ليبيا، لافتا إلى أن الجيش الوطني لا يحارب المليشيات فقط وفق تعبير الهوني، فهو يخوض معركة يديرها “أقوى جنرال في ليبيا” معتبرا أن هذا الجنرال هو المصرف المركزي، بما في ذلك الأموال التي يوزعها المجلس الرئاسي على “أمراء الحرب”، معتبرا أن الحرب في العاصمة يجب أن تُحْسَم لصالح الجيش، وأن يصبح “أقوى جنرال” في خدمة حكومة قوية يجري تشكيلها بعد سيطرة الجيش على العاصمة، معتبرا أن الدول التي عانت من تشظي قبلي وطائفي خضعت للقوة قبل إنشاء دول مستقرة وآمنة وقوية، وليبيا وفق الهوني لا يمكن أن تكون استثناءً، وأنه ينبغي بناء دولة ليبية قوية عبر قوة تحسم الأمور، وتقيم حكومة قادرة على العمل، وتعمل وفق برنامج عمل لخلق تنمية متدرجة في كل ليبيا، وأن يبدأ الليبيون في لمس آثار تنمية حقيقية في غضون سنوات قليلة يخضع فيها الجميع للقانون.
رسائل مباشرة
في حديثه مع برنامج (البلاد) وجّه الهوني رسالة إلى قبيلتي الحساونة والزنتان اللتان ينتمي إليهما أسامة الجويلي وعبدالسلام كاجمان عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، متسائلا ما إذا كانت قبيلة الزنتان المعروفة بتاريخها السياسي والوطني تقبل أن يقوم ابنها أسامة بتمويل عمليات القتل والذبح التي تقوم بها مليشيات في مرزق، متسائلا عن موقف القبيلة من السبعين مليون دولار التي أخذها الجويلي المصرف المركزي، ووزع نحو نصفها على مليشيات تقاتل في مرزق ضد الجيش الوطني، وتقوم بعمليات تطهير عرقي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، متسائلا عما كانت قبيلة الحساونة بكل تاريخها النضالي تقبل ما يقوم به كاجمان أيضا، داعيا هذه القبائل إلى قول كلمتها الوطنية إزاء كل ما يحصل
“لا يهش ولا ينش”
وصف الهوني رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بأنه “لا يهش ولا ينش”، وأنه “رجل بسيط جدا”، جاء عبر دهاليز للأخوان المسلمين وتيارات إسلامية اختارته بسبب “ضعف شخصيته”، وامكانية خضوعها لأجسامها السياسية، ولمليشيات الحرب، متسائلا عن الإنجاز الذي حققه السراج حتى الآن، أو الشرعية التي يحظى بها وهو لا يزال منذ أربع سنوات يحتمي بمليشيات كان من أولى أولويات الاتفاق السياسي أن ينهي وجودها في العاصمة، لكن الحرب الأخيرة أظهرت أن هذه المليشيات هي “شريك حقيقي” للمجلس الرئاسي.
“أفغنة التعليم”
أشار الهوني إلى أن الإصرار على حجاب الفتيات في ليبيا ليس “دليل عفة” أبدا، وهذا الأمر ينطبق على إطالة اللحى وارتداء الجلابيب، معتبرا أن إصرار العديد من الجهات على التأسي بهذه المظاهر ليس سوى “نفاق اجتماعي”، وليس تديناً، معتبرا أن الأخطر في ليبيا حاليا هو التسرب من المدارس، وظهور مدارس خاصة غير مرخصة تقدم أفكارا دينية متشددة، ومناهج تحض على العنف والقتل والكراهية تماما كما يحصل في أفغانستان.
ثورة.. بلا دماء
وبحسب الهوني فإن الانفتاح الذي حصل في المملكة العربية السعودية هو “ثورة بلا دماء”، وهو أهم حدث سياسي يحصل في القرن الحادي والعشرين، معتبرا أن السعودية وضعت حدا لتيار الصحوة الذي تغلغل كثيرا في السعودية وخارجها، وأن الوقائع التاريخية أثبتت أن ما يحصل بالسعودية ينعكس على المنطقة، معبرا عن أمله في أن تصل هذه المراجعات إلى ليبيا، إذ أن جهات عدة في ليبيا لا تزال تتمسك بالفكر المتشدد الذي أطلقته الصحوة في السعودية قبل عقود.