النعوشة في ليبيا – تقتل الأطفال انتقاما لطفلها!
عمار المنصوري
في بعض المدن الليبية وخاصة الأمازيغية منها، كثيرا ما تسمع عن طائر يسمى النعوشة، والذي يذكر اسمه ليس لترهيب الأطفال كالغولة وعزوزة القايلة، إنما يثار اسمها خوفا على الأطفال من هذا الطائر، وقيل إن قصته حقيقة وليست خيالة، إنما هنا أسرد ما كنت أسمعه من جدتي وبعض نساء مدينة زوارة الليبية.
أتذكر المرة الأولى التي سمعت اسمها في منتصف تسعينيات القرن الماضي، كان مساء بعد يوم طويل من اللعب مع أطفال مدينتي، وقبل أن تغيب الشمس بدأ حوار يدور بين جدتي وخالاتي فشدني هذا الحوار الذي يدور عن بعض القصص القديمة في ليبيا.
خلال الحوار سمعنا صوت طائر كان يحوم في السماء، فقالت جدتي ها هي النعوشة، وباستغراب سألت؟ وما هي النعوشة، قالت ها هي تحوم في السماء باحثة عن الأطفال وعن ملابسهم، لتبدأ في تنبيه خالاتي بعدم ترك أطفالهن خارج البيت ولا تنتشر ملابس الأطفال بعد غروب الشمس خوفا من النعوشة.
القصة حول هذا الطائر تختلف من رواية إلى أخرى ومن بلد لآخر ولكنها تتفق في بعض الأشياء التي ذكرتها جدتي، ومنها أنه إذا نفض ريشه على الطفل أو على ملابس الأطفال المعلقة خارج المنزل، فإن الطفل يصاب بنقص في التغذية ويبدأ في خسارة وزن في وقت سريع، وغالبا ما يموت حسب روايتها.
تقول الرواية أيضا إن هذا الطائر في إحدى الأساطير الأمازيغية القديمة، أنه في الأصل كان امرأة قتلت طفلها، فأصابتها لعنة تحولت إلى طائر يشبه البوم تكره الأطفال وتبحث عنهم بعد غروب الشمس.
أما في بعض المدن التونسية فالرواية شبيهة أيضا إلا أن المرأة كانت قد أرسلت طفلها لإحضار غربال من إحدى الجارات وعندما تأخر، قامت بضربه حتى مات، فأصيبت بتلك اللعنة، لهذا بعض العائلات التونسية تقوم بوضع الغربال على النوافذ إذا مر طائر النعوشة، ليذكرنها بطفلها فتحزن وتترك الأطفال وشأنهم.
جميع القصص التي تدور حول النعوشة تؤكد أن هناك العديد من حلالات المرض والوفاة بسبب هذا الطائر في الماضي، ربما بسبب أحد الأمراض الذي ينقلها هذا الطائر من خلال ريشه على الملابس أو مباشرة على الطفل، لكن دائما ما كانت القصص الخرافية ترافق جهل الأشياء، ونقص المعرفة في مجالات عديدة كالطب والتكنولوجيا التي أزاحت العديد من الخرافات القديمة وما زالت.