المُكالمة.. وما بعدها
أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجرى اتصالا هاتفيا بالقائد العام للجيش الوطني، المُشير خليفة حفتر، الاثنين الماضي.
وأضاف البيت الأبيض في البيان الذي لم يتضح بعد سبب صدوره مُتأخراً، أن ترامب: “اعترف بدور القائد العام للجيش الوطني في محاربة الإرهاب وتأمين حقول النفط الليبية، كما ناقش الطرفان الرؤية المشتركة لتحول ليبيا إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر.”
وبحسب موعد المُكالمة المُعلن عنه من قبل البيت الأبيض، فإن تواصل الرئيس الأميركي مع القائد العام للجيش الوطني تم بعد يوم فقط من لقاء جمع قائد الجيش الوطني مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، بعد أن أنهى الأخير زيارة إلى واشنطن التقى خلالها بترامب وأكدا على جهود مُكافحة الإرهاب في المنطقة.
ويتزامن هذا الاعتراف الأميركي بدور الجيش الوطني في ليبيا، مع العملية العسكرية التي أطلقها حفتر في الـ4 من أبريل الجاري لتخليص العاصمة من “المجموعات المتطرفة”، حسب وصف الجيش.
وسبقت العملية العسكرية المُستمرة منذ أكثر من أسبوعين زيارة أجراها قائد القوات العسكرية الأميركية شمال القارة الأفريقية “أفريكوم”، الجنرال توماس والدهاوسير، إلى العاصمة طرابلس، في الـ19 من مارس الماضي، أي قبل أسبوعين فقط من تحرّك الجيش الوطني نحو المدينة، اجتمع خلالها مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، بصفته القائد الأعلى للجيش.
وأكد والدهاوسير أثناء اللقاء عزم قواته على مواجهة فلول داعش في ليبيا واستهدافها عسكريا بالتنسيق مع حكومة الوفاق.
ولم يُعرف حينها فيما إذا كان الحضور اللافت للأفريكوم والذي تزامن مع الذكرى الثامنة لتدخل “ناتو” في ليبيا، يحمل دلالات سياسية بشأن عودة محتملة وقوية للولايات المتحدة الأميركية إلى الساحة الليبية، أو ما إذا كان حضور “أفريكوم” يهدف إلى توجيه دعم سياسي للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.
ومع بدء اشتداد المعارك في ضواحي العاصمة، كان التطوّر اللافت في رابع أيام العملية العسكرية بالمنطقة الغربية، هو إعلان الجنرال توماس والدهاوسر، أن وحدة من القوات الأميركية تعمل داخل ليبيا انتقلت بصورة مؤقتة إلى خارجها بعد اندلاع اشتباكات بالقرب من العاصمة طرابلس.
ونوّه بيان أفريكوم بأن الفرقة الأميركية التي تم إجلاؤها كانت تقدّم الدعم العسكري لأنشطة مكافحة الإرهاب والبعثات الدبلوماسية، وتعمل على تحسين الأمن في المنطقة.
واستخدمت الولايات المُتحدة الأميركية، الجمعة، حق النقض “الفيتو” في جلسة مجلس الأمن الجمعة، ضد مُقترح تقدّمت به بريطانيا، ويقضي بوقف عمليات الجيش الوطني العسكرية في طرابلس بشكل فوري.
وسارع مُنتقدو التطوّر الأخير للموقف الأميركي تجاه الجيش الوطني، إلى مُقارنته مع موقف واشنطن المُعلن مطلع الشهر الجاري والذي جاء على لسان، وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، حين أبدى مُعارضة بلاده للتحرّك العسكري في طرابلس وحثّ على الوقف الفوري له.
هذا الميل الأميركي لجهود الجيش الوطني، والذي طفا على المشهد مُؤخراً، يفتح أبواب التساؤل حول علاقة الوفاق التي تبدو قوية مع التمثيل الدبلوماسي الأميركي في ليبيا من قرب السفير الأميركي بيتر بودي لها، فضلاً عن وجود سفارة ليبية تتبع الوفاق في واشنطن، والزيارات الأخيرة لبيتر بودي ولقاءاته مع دائرة الوفاق.
السؤال الأبرز الآن، خاصة في ظل الانشغال الدولي بالتطوّرات الأمنية والعسكرية الحاصلة في طرابلس، هو ما مدى إمكانية ترجمة هذا الموقف الأميركي الداعم للجيش الوطني بإمدادات ملموسة على الأرض، وتأثيره على سير المعارك الدائرة في العاصمة، إضافة إلى تحوير بعض المواقف الدولية المُتناقضة، في الوقت الذي عبر فيه رئيس المجلس الرئاسي عن أسفه بخصوص صمت المجتمع الدولي وفشل مجلس الأمن في التوصّل إلى قرار يُدين الجيش الوطني لتحرّكه تجاه العاصمة.
إقرأ أيضا: