المنصات الرقمية في ليبيا.. فنون وآداب، وطموح كبير
خاص 218| خلود الفلاح
تحولت وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة في ليبيا إلى منصات تعرض المحتوي الفني والثقافي والتاريخي والاجتماعي.
منصات تحمل بصمة شباب ليبي، يطمح لتطوير أفكاره عبر البحث والقراءة لتقديم محتوى رقمي جيد وهادف.
في هذا التقرير نتعرف على بدر الدين، ومحمد، وسارة، ولبنى. كيف كانت البداية مع السوشيال ميديا، وهل وجدوا في هذا العالم الافتراضي التفاعل المطلوب.
بدأ صانع المحتوى التاريخي بدر الدين المختار استخدام منصات التواصل الاجتماعي بعيد عودة اتصالات الانترنت إلى طرابلس في أغسطس 2011 ، ويضيف: “أنشأت حسابي على الفيسبوك أثناء ثورة مصر لمتابعة الأحداث”.
وتابع ضيفنا: لم يكن المحتوى التاريخي اختيارا، منذ الصغر أهوى القراءة ولم يكن اهتمامي مقتصرا على التاريخ بل كنت مهتما بالأدب والفلسفة والسياسة أيضا. ولكن في السنوات الأخيرة أخذت الثقافة عموما والتاريخ خصوصا مساحة كبيرة من وقتي ربما بسبب السأم من جدوى الحديث عن السياسة التي توقفت عن التعليق عليها سوى بعض الأحيان، على هيئة رد فعل ساخرة وغير عقلانية يفرض وجودها عبث المشهد العام. ولكني أقوم من حين إلى آخر بإزالتها حين يمر وقت على كتابتها ولا أترك عادة في صفحتي سوى المقالات التاريخية.
وأوضح بدر الدين الورفلي أن مصادره هي الكتب والصحف والوثائق العربية والأجنبية (الإنجليزية على وجه الخصوص) والروايات الشفوية والتسجيلات المسموعة والمرئية.
واستطرد “لدى حوالي 4000 صديق ومتابع ولا أعتقد أن هذا رقما كبيرا في منصات التواصل الليبية، ولكن في المدة الأخيرة لاحظت أن العدد أخذ في الازدياد، ربما لأن المحتوى يكاد يقتصر على التاريخ الليبي وهو ما طبع الصفحة بطابع التخصص إلى حد ما. لا أتبع أية خطة للحفاظ على الأصدقاء الكرام، إنما هو الاحترام المتبادل، وأحيانا أخسر بعضهم بخلاف في الرأي، أو في حالات نادرة بسبب سوء الأدب”.
واعترف بدر الدين الورفلي أن لا طموح لديه يتعلق بمنصات التواصل بالذات، ولكن لديه طموح بشأن البحث التاريخي وهو أن ينشر بحوثا أو ترجمات.
من فترة ثلاث سنوات تقريبا بدأت سارة الكتابة عن أفكارها وآرائها الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. واليوم لديها عبر حسابها الشخصي على الفيسبوك حوالي 2567 متابعا. وبالنسبة لمتابعي برنامجها على قناة تبادل الالكترونية لا تعرف عددهم بحسب قولها.
تقدم سارة على قناة تبادل برنامجا منوعا. وتضيف: “عنوان البرنامج t-talk مأخوذ من tabadul ويعني حديث تبادل، نسلط فيه الضوء على مواضيع وقضايا تهم المجتمع. ويمكن القول مواضيع مسكوت عنها في مجتمعنا مثل حقوق المرأة، والحب والكراهية، وحقوق الطفل، وتقبل الاختلاف، والعنصرية، والتحرش، والمثاليات الزائفة، البيدوفيليا، وغيرها”.
وتعتبر سارة أن قناة تبادل أعطتها مساحة للتعبير بشكل أكبر عن الموضوعات التي تهم المجتمع دون قيود. وبالتأكيد في بداية دخولها للمجال الافتراضي وجدت بعض المضايقات من رواد صفحتها ولكنها اليوم تعرف كيف يمكنها التصرف كصانعة محتوى مؤمنة بالقضية التي تعرضها للنقاش.
محمد بن عمران صانع محتوى سينمائي، لديه برنامج بعنوان (مذكرات سينمائية) حلقاته المسموعة تنشر عبر برنامج الساوند كلاود وقريبا ستكون له منصة رقمية على البودكاست.
يقول محمد بن عمران: برنامجي يبث مباشر عبر الراديو. بينما الكتابات النصية والمقالات السينمائية أنشرها عبر مدونتي الشخصية وعبر صفحة مذكرات سينمائية عبر الفيسبوك.
يعترف ضيفنا أن عنوان برنامجه (مذكرات سينمائية) ليس بجديد. لكنه يمثل الوسم الذي استخدمه العام 2009، عندما كان يكتب في بعض المنتديات الالكترونية عن الفيلم الذي ينصح بمشاهدته، يتمنى بن عمران صنع محتوى ثري، يطرح تساؤلات وأفكارا وتحليلات ومعلومات في شأن واحدٍ من أهم الوسائط الفنية في التاريخ.
تحظى صفحة (مذكرات سينمائية) ب (19 ) ألف معجب، ولا يحب ضيفنا تسميتهم متابعين. لأن المعجبين بالمحتوى السينمائي دائماً لديهم طريقتهم الخاصة في التعبير والحوار. والحفاظ عليهم يتم عبر التواصل والاهتمام ومحاولة تقديم ما يثير اهتمامهم بحسب بن عمران.
وسألته كيف تنظر للشهرة؟ فكان رده: الشهرة معقدة، تفسيرها وشرحها صعب. والكثير من الناس يربطها دائماً بالكاميرات والبابيراتزي، وفي عصر الميديا يتم ربطها بالتعليقات والتفاعل، لكنني على الصعيد الشخصي أراها قرار يصنعه الجمهور وليس الشخص (الصانع أو الفنان أو أياً كان)، ولها آثارها الإيجابية من بينها نشر ما ترغب به لنطاقٍ أكبر لأن الناس تحبك أو تثق بك، وفي إطار آخر قد تؤثر سلبياً وتبعدك عمّا كنت تفعله بحب وتبدأ بالانتقال مع أي موجة يمكن من خلالها أن تتصدر المشهد مجدداً. أحب الشخص المشهور بحبه وشغفه لأمر ما، ولمدى تأثيره وحقيقته في ممارسة ما يحب، والناس تعرف كيف تفرق إذا أرادت بالفعل التفكير بشكل أكثر حرصا ونقداً.
بدأ صانع المحتوى محمد بن عمران استخدام منصات التواصل الاجتماعي من خلال المنتديات أولا، لكن مع ظهور وانتشار السوشال ميديا انتقل لهذه المنصات وبدأ فعلياً العام 2011 بمشاركة ما يحب، ثم صناعة محتوى خاص بالسينما. ويضيف: ” كنت دائم التركيز بسبب علاقتي بالأفلام على طرح بُعد حسّي لتشكيل علاقة أكثر ترابطاً بين المشاهد والعمل السينمائي، حاولت دائماً أن أوضح أنه من الجيد التفاعل حسياً مع الأفلام ولا ضير في التعبير عن ذلك بكل صراحة ومصداقية. أحب السينما وحاولت ألا أرفض أي شكل من أشكال التعبير عنها طالما هذا يجعلني أكثر قرباً منها. أحب الكتابة فكتبت عنها، صنعت محتوى وأدرت محتويات سينمائية، قمت مؤخرًا بنقل المحتوى لشكلٍ جديد مسموع عبر الراديو وعبر حلقات مسجلة صوتياً، ولا يمكنني رفض تجربة صناعة المحتوى المرئي، يوتيوب أو على التلفاز وربطهما معاً، لكن دائماً الطموح الأكبر هو أن أكون قريباً من صناعة هذا الفن”.
تقول لبنى العوامي: بدأت بطرح أفكاري على مواقع التواصل الاجتماعي العام 2016، في البداية كنت صانعة محتوي كتابي وكنت عضوا في منصة فاصلة للكتابة الإبداعية.
برنامج (طلْة قارئ) الذي تقدمه لبنى العوامي على المنصة الرقمية لمنظمة اركنو في كل حلقة يتم تناول كاتب ليبي. بعرض عمل من أعماله مع سرد سيرته الحياتية.
وتشير لبنى العوامي إلى أن عدد المتابعين لا يشكل أي أهمية بالنسبة لها، رغم أن لديها على الانستقرام 1400 متابعا، ما يهم هو تقديم محتوى ثقافي هادف يحدث أثرا في ثقافة المجتمع.
أوضحت لبنى أن هناك اهتماما من مجتمعها الافتراضي بالأدب والثقافة. وما دفعها لخوض مغامرة التقديم الالكتروني حتى تكون حرة في عرض أفكارها دون التقيد بالسياسة التحريرية للقناة التليفزيونية أو الراديو. وتضيف: “عالم الكتب هو عالمي المفضل. أنا أؤمن أن الكتب والقراءة هي بدايةً تغيير هي امتلاء العقل بالأفكار البناءة والقلب بالمشاعر الثمينة الإحساس بالإنسانية والجمال”.