المكتبة (43)
نُخصص هذه المساحة الأسبوعية، كل يوم أحد، للحديث عن العلاقة بين المبدع وكتبه، والقراءة، والموسيقى.
عائشة بلحاج: شاعرة وإعلامية مغربية.
صدر لها ثلاثة دواوين شعرية:
“ريح تسرق ظلي ـ 2017″، و”قبلة الماء ـ 2019″، و” لا أعرف هذه المرأة ـ 2021 “.
ـ ما الذي جاء بك إلى عالم الكتابة؟
ـ القراءة، وأيضا الحلم بامتلاك قوّة خارقة. في طفولة غير اعتيادية، بدأتُ أقرأ وأندهش لقدرة الإنسان على الخلق؛ حياةٌ وأحلام ومغامرات وكل ما يرغب أو يفكر فيه. فأدركت أنّها القوة الخارقة الوحيدة التي يمكن أن نتعلّم ممارستها، ما دمنا لا نستطيع تعلّم تحريك الأشياء أو الطيران أو قراءة العقول. بدأت محاولاتي الأولى في الكتابة بسذاجة طفلة، ثم أدركت كم تحتاج الكتابة من شجاعة ورغبة وصبر وغرور لتَحدُث. وما زلت أحاول إلى الآن.
ـ ما الكتاب الأكثر تأثيرا في حياتك؟
ـ لا يمكنني التفكير في الموضوع، دون أن تنهمر في ذاكرتي كتب كثيرة لا تغادرها. فالمفروض في عملية القراءة أن تخرجنا من منطق الرأي الواحد، والكتاب الواحد.
ـ أول كتاب قرأته؟
ـ قصة للأطفال عنوانها “الدبّ ومرطّبان العسل”؛ هي أقرب ذكرياتي عن بداية علاقتي بالقراءة، مع أخذ مسألة انتقائية الذّاكرة بعين الاعتبار. ما أحبه في هذه القصّة، هي علاقتها المجازية باكتشافي للقراءة. حيث يذوق الدبّ العسل بالصدفة، حين ينكسر مرطبان عسلٍ ويتعرّف على حلاوته لأول مرة. بعدها صار يبحث عنه في كل مكان، ويمرّر لسانه على جذوع الأشجار لأنّه يظن أن الصّمغ عسل. هكذا اكتشفت أنا القراءة، وكانت أحلى من العسل. ومنذ تلك اللحظة وأنا أتلمّس الأشجار بحثًا عما يُشبه الطّعم الأول لحلاوة العسل.
ـ علاقتك بالكتاب الإلكتروني؟
ـ علاقة طيبة، لأنه ينقذني في أحيان كثيرة، ولولاه لأفلسنا كقراء، لأنّ هناك كتبا لن تصلنا ولو بعد سنوات ضوئية، نتيجة للوضع الكارثي للتوزيع. لهذا تنقسم قراءاتي بينه وبين الكتاب الورقي بنسبة النّصف.
ـ الكتاب الذي تقرئينه الآن؟
ـ أقرأ عادة أكثر من كتاب في الآن نفسه. هذه الأيام أقرأ روح الدين لطه عبد الرحمان، باريس الأورفية لهنري كول، وماكيت القاهرة لطارق إمام.
ـ الموسيقى المفضلة لديك؟
ـ كثيرة، ولعل من أقربها إلي، الجاز والموسيقى الصّوفية والإيقاعات الإفريقية. حين أحب موسيقى ما أسمعها يوميًّا لأسابيع، ثم أكتفي منها، ولا أعود إليها إلّا بعد سنوات.
ـ علاقتك بمؤلفاتك؟
ـ غير ثابتة، أحيانا أحبها، أحيانا لا أشعر بشيء تجاهها، أو أراها غريبة عني؛ لأنها استقلّت بنفسها، ولم يعد بإمكاني تغيير كلمة أو جملة فيها. لهذا لا أعتبرها لي حالما تُنشر وتخرج من يدي. لكن من جهة أخرى الكتب التي لم تُنشر بعد، هي روحي وكياني لأنني أشذّبها كلّ يوم، وفق مزاجه ولون عينيه، هكذا تكبر معي وتمشي بجانبي في الحياة، إلى حين صدورها.
ـ هل ستغير الكتابة العالم؟
ـ لا أعرف بشأن العالم، إذ يبدو أن أشياء أخرى تغيّره الآن. لكنّني أعرف كثيرين تغيّرت حياتهم بسببها.
ـ ماذا تحتوي مكتبتك؟
ـ أفكّر فيما لا تحتويه. ويشتدّ عليّ الشوق لكُتبٍ ليست فيها. وما فيها الآن متنوع بشكل شبه متوازن بين الشّعر والعلوم السياسية والروايات ثالثا، ثم باقي العلوم الاجتماعية. تقلّ الروايات في مكتبتي، لأنني أقرأها pdf معظم الوقت.
ـ ما الذي يشغلك اليوم؟
ـ كل شيء يشغلني، كأنّني حارسة على باب الأيّام. دائمًا ما يضجّ رأسي بما يحدث حولي، وأخشى أن يفوتني شيء، أو أن أغفو ويسبقني الوقت. في الكتابة، تشغلني مشاريع بدأتها منذ زمن، وتتقدّم بخطى سلحفاتية. لأنها تحتاج ذهنًا صافيًّا وتفرّغًا، وأنا مشتّتة بين طرق كثيرة في هذه الحياة السّريعة