المكتبة (36)
نُخصص هذه المساحة الأسبوعية، كل يوم أحد، للحديث عن العلاقة بين المبدع وكتبه، والقراءة، والموسيقى.
مريم الزرعوني شاعرة وكاتبة وفنانة تشكيلية إماراتية. عضوة اتحاد الكتّاب والأدباء في الإمارات، وعضوة في جمعية الفنون التشكيلية في الإمارات.
ـ قدّمت قراءات شعرية في احتفالات اليوبيل الذهبي في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2019.
ـ شاركت في مهرجان طنطا الدولي للشعر في دورته السابعة 2021.
صدر لها:
(تمتمات ـ مجموعة شعرية ـ 2017)، و(رسالة من هارفرد ـ 2017- رواية لليافعين، فائزة بجائزة العويس للإبداع 2018)، و(لم يعد أمرا ذا أهمية ـ 2021).
ـ ما الذي جاء بك إلى عالم الكتابة؟
ـ منذ سِنٍ مبكرة وأنا أحتفظ بكراسة أُدوّن فيها الخواطر والقصص وأحياناً اليوميات، كنتُ أفعل ذلك بلا انتباه إلى أن تلك هي الكتابة، وأن القُراء هم الأصدقاء الذين أُطلعهم على محتويات الكراسة، وفي المرحلة الجامعية كانت لي محاولة أو اثنتين للنشر في مجلات الجامعة وقد فعلت، ثم توقفت بعدها، وأظن ذلك لأن الكتابة كانت فعلاً بلا وعي، يحدث كيفما كان كممارسة تلقائية، وفي لحظة فارقة وجدتُ أن لديّ ما أريد قوله مما لا يستقيم إلا بالكتابة، فقررتُ حينها أن ألتحق بورشة مختصة وأنجزت معها عملاً سردياً كان بمثابة التمرين الجاد على الكتابة الواعية وعن قصد، من هناك دلفت إلى عالم الكتابة.
ـ ما الكتاب الأكثر تأثيراً في حياتك؟
ـ أظنها مسرحية “نهر الجنون” لتوفيق الحكيم فقد كانت مقررة على طلبة الصف العاشر، حين كانت والدتي تكمل تعليمها الثانوي، وأنا في المرحلة الابتدائية، وبالطبع لم أفهم معظم ما قرأت إلا بمساعدتها. ورافقتني منذ ذلك الحين فكرة النهر الذي سيصيبنا بالجنون لو شربنا من مائه، وحيرة أن نكون أو لا نكون مثل الجميع.
ـ أول كتاب قرأته؟
ـ في المرحلة اللاواعية منذ إجادتي القراءة وأنا أقرأ ما في المتناول، وأذكر أنّ الكتاب الأول كان من كتب التراث الإسلامي وهو أحد الصحاح، ربما صحيح مسلم أو الأربعون النووية، ومن كتب الأطفال قصص المكتبة الخضراء كالأنف العجيب والبنت والأسد.
ـ علاقتك بالكتاب الإلكتروني؟
ـ علاقة جيدة فهو امتداد لعلاقتي بالتكنولوجيا والأجهزة الذكية ويُشكّل الحل الأمثل في السفر أو عند تعذر النسخ الورقية، فقط ما يثنيني عنه صعوبة تدوين الملاحظات على الكتاب الإلكتروني، فهي متوفرة ضمن التطبيق لكنها ليست بتلقائية تناول القلم والتخطيط تحت الأسطر، والخربشة في الهوامش.
ـ الكتاب الذي تقرئينه الآن؟
ـ أول مجموعة قصصية منشورة في الإمارات 1975، بعنوان الخشبة للأديب الإماراتي عبد الله صقر، ما يميز المجموعة استباقيتها وجرأتها في التماس مع مجموعة من الخطوط الحمراء وذلك قبل ما يناهز الخمسة عقود في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي آنذاك دولة مدنية ناشئة. أدهشني أن يوجد لدينا من الكتّاب والمثقفين المتجاوزين للزمن بضلوعهم في الثقافة باكراً، وما في ذلك من دلالات على أسبقية المجتمع الإماراتي على الدولة المدنية ورسوخه الثقافي.
ـ الموسيقى المفضلة لديك؟
ـ أُحب الموسيقى بأنواعها، الشرقية والغربية المرافقة للغناء أو بدونه، لكن المزاج يتحكم في متى وماذا أسمع، وأفضّل في الموسيقى العربية ما لحنه عبد الوهاب والموجي وبليغ حمدي، أما الغربية فيعجبني الحديث والمعاصر من أعمال الإيطالي “لوفوديكو إيناودي” والألماني “فالانتينو”.
ـ علاقتك بمؤلفاتك؟
ـ علاقتي بمؤلفاتي تكاد تكون ملتبسة، فقبيل الانتهاء منها أصل إلى حالة التشبع التي تفقدني صبري، وأسعى لإطلاقها بشيء من التسرع، وعندما أحصل على نسخة بعد النشر، يساورني شعور مختلط بين الإنكار والحزن، حزنٌ على انتهاء رحلة التأليف، وإنكار لما فيها فلا أتمكن من التعرف إلى كتابتي بعدما أجلس وراء الكتاب كمتلقي. ثم في مرحلة أخرى أسعى مسعى العديد من الكُتّاب، لإحراق الإصدار الأول، يغلب ذلك عندما أخوض حديثاً داخلياً تسوده المقارنة بين ما كتبت سابقًا وما أكتب الآن، هناك حالات طارئة من الاعتزاز بما كتبت وهي وليدة لحظات كالفوز بجائزة أو إطراء قارئ، أستطيع أن أقول إنني في هدنة مع ما أكتب إلى أن يجدّ جديد في جدوى ما أكتبه، لمن؟ ولماذا؟
ـ هل ستغير الكتابة العالم؟
ـ أعتقد أن الكتابة مثلها مثل كل الأنشطة الإنسانية في الحياة، لا بد وأن تؤثر، وتتأثر، نعم وتغيّر أيضاً، فكلنا يعلم أثر كتابات دوستوفسكي في منهج التحليل النفسي لفرويد، وأنا لا أنسى ما قرأته في كتيب صغير صادر عن البريد الملكي للمملكة المتحدة، عن دور “كتابة الرسائل” في تشكيل مجموعات ضغط وصلت إلى صانعي القرار، وساهمت في إطلاق الرهينة “جون ماكارثي” في لبنان.
ـ ماذا تحتوي مكتبتك؟
ـ مكتبتي تستند على مجموعة من القواميس وكتب التراث، في مقدمتها لسان العرب والبداية والنهاية، وأدب الكاتب، وألف ليلة وليلة. ثم الحديث والمعاصر من الدواوين الشعرية، والمجاميع القصصية ومقدمات في الفنون المختلفة وعلى رأسها الفن التشكيلي، وهي أفقر ما تكون إلى الروايات.
ـ ما الذي يشغلك اليوم؟
ـ يشغلني الشّعر كتابة وتأملاً ودراسة، إلى أين يمضي بي، وهل ثمة وجهة أصلها؟