“المسرحية الهزلية” والمجبري وجهًا لوجه!
حمزة جبودة
لا شيء يدعو للملل في ليبيا، بعد العروض المسرحية التي تؤديها الأجسام السياسية، مند سنوات، لا شيء يدعو للحُزن أو للكراهية، فأنت تُشاهد وتقرأ البيانات والتصريحات التي تُضحك الليبيين وتجعلهم أكثر الشعوب فرحًا وحظًا.
حكومتان، ومجلس رئاسي يُقابله جسم تشريعي اسمه مجلس النواب، وهذا يجعل من أدائهم المسرحي كبير ومُلفت، علينا احترامه وتقديره وتكريمه، عبر كل الوسائل المتاحة في الفضاء الالكتروني، حتى يعرف العالم أننا في ذروة سعادتنا!
آخرها مُحزن على كل حال، بعد أن أعلن فتحي المجبري انسحابه من عضوية المجلس الرئاسي، لأنه اكتشف أنها مسرحية هزلية، نعم مسرحية هزلية، في ندوةٍ جمعته مع النائب المُقاطع علي القطراني ونواب البرلمان الداعمين لمواقفه.
ولكنّ السيد المجبري لم يُخبرنا إن كان سيُكمل دوره في مسرحية “الإصلاح الاقتصادي” التي أشرفت عليها الولايات المتحدة الأمريكية، عبر القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى ليبيا، ستيفاني وليامز، في الخامس من يونيو الماضي، أم أن دوره في هذه الإصلاحات قد انتهى بلا رجعة، لم يُخبرنا المُنسحب من المجلس الرئاسي، عن حقيقة آلاف المختطفين في ليبيا، والمهجرين خارج وطنهم، واكتفى فقط بأزمة اختطافه “التي لا أصدّقها على كُلّ حال” واختزل أزمة طرابلس في شخصه فقط، لم ينطق لسانه عن أي تجاوزات في طرابلس إلا حينما وصل الأمر إليه، لم يفعل أو فعل ما ينتظره منه الليبيون.
كثيرة هي المسرحيات التي علينا أن نعرف مصيرها، هل وصلت نهايتها إلى طريق مسدود، مثلا، مسرحية الكهرباء وانقطاعها، هل هي حقيقة أو من وحي كاتب موهوب بصناعة أجزاء لها كل عام، ومسرحية اعتقال السيولة في “مصرف الصديق الكبير وشُركائه” المعروف لدينا بمصرف ليبيا المركزي، هل ستنتهي قبل الانتخابات، أم أن عروضها ستستمر بعدها؟
الأدوار الأخرى الأكثر تأثيرا من المجبري وغيره من رفاقه في درب “التوزيع العادل” يأتي الدور الأبرز في ليبيا، دور رئيس المجلس الرئاسي، الذي انتفض مؤخرا في لقاء جمعه بسفراء وممثلي أمريكا وبريطانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، والصين، والمبعوث الأممي، وممثلة الاتحاد الأوروبي، بعد انتقاده لهم جميعا، أنهم يلعبون دورا سلبيا في الأزمة الليبية، ما يجعلنا نبحث عن كاتب السيناريو الذي أكتشف مؤخرا أن المشاهد الأخيرة في المسرحية، يجب أن تكون وفق تسلسل زمني وتراكم مُقنع للمشاهد، كي يستمتع بروعة الأداء وفكرة الإخراج، التي عادةً ما تكون بطريقة درامية، أي بمعنى أن يخرج السراج ويُوبّخ المجتمع الدولي على طريقته، ومن ثم يخرج المجبري في ذات اليوم ويُعلن اكتشافه الخطير وغير المسبوق، طرابلس تحكمها جماعات مسلحة.
لإخراج المسرحية الهزلية الليبية، تحتاج لميزانية ضخمة حتى تخرج في صورة أكثر بذخًا وتأثيرا في لعب الأدوار، وتصل قيمة إنتاجها أحيانا إلى أكثر من 277 مليار دولار، تُوزّع على الأدوار الأولى، السياسية، ومن بعدها الأدوار المساعدة المتمثلة في قادة الجماعات المسلحة التي تحكم بأمر الدين والوطن والثورة والعائلة، وما تبقّى منها يُوزّع على “الكومبارس” الذي نُمثّله نحن الليبيين، وقد تصل الأجور إلى قُرابة 50 دولار أو أكثر بقليل، لكل دور كومبارس.
معلومات تهمّك عليك معرفتها:
المسرحية الهزلية ، مأخوذة عن قصّة حقيقية تتوزّع جُغرافيًا على كل مناطق ليبيا، لها فروع وميزانيات ضخمة تُصرف سنويًا، لإنتاج فصولها الموسمية، وتصدر بيانات توضيحية كل فترة، حول سير “البروفات” على ركحها في شرق وغرب ليبيا فقط، لطمأنة جمهورها الكبير والمعجبين بقصتها، بأن أبطالها ملتزمون معكم ولن يتخلوا عنكم.