المرأة ومسؤولية التطرف
نوارة الجبالي
في هذا الشهر الذي يحتفي فيه العالم بالمرأة ويكاد يُجمع على أهمية وجودها ودروها الإيجابي في الحياة.. لابد من بحث دور مهم للمرأة قد يكون إيجابيا أو سلبيا، فمع تركيز العالم على محاربة التطرف والإرهاب، وأنه موجّه في أغلبه إلى الحلول الأمنية والعسكرية، التي رُغم أهميتها، إلا أن هناك حلول أخرى يعرفها الجميع، ولكن يتم التغاضي عنها.
ظلت المرأة طوال التاريخ البشري هدفا للرجل ومحض فريسة يتفنن في اصطيادها، وعادة ما تكون الملومة على أخطاء الرجال أيضا، منذ اللحظة التي تحملت فيها وزر إخراج آدم من الجنة. بالتأكيد سينتهي هذا التصنيف الجائر قريبا بعدما بدأت المرأة تنال حظها من التعليم، وحقها في الترشح والانتخاب، وبعد دخولها بقوة إلى سوق العمل وتقلد المناصب القيادية، فمستشارة ألمانيا ووزيرات دفاع أوروبا خير مثال، كما حدثتنا كتب التاريخ عن كثيرات غيرهن.
ما أرمي إليه هنا، أنّ للمرأة الدور الأهم في الحياة، فهي مسؤولة إلى حد كبير عن نجاح أو فشل أطفالها، وبالتالي عن نجاح أو فشل المجتمعات.. فالأم في معظم الأحيان رمزٌ للحب والحنان، فإذا ما زرعت في أبنائها قيم المحبة الإنسانية للعالم المحيط بهم، حتى وإن اختلف الآخرون عنهم في العقيدة، أو الجندرية، أو المستوى الاجتماعي، فمن الصعب تخيّل أن يتحول الأبناء إلى التطرف أو الإرهاب… ومن السهل تخيل العكس إذا لم يحصل الأبناء على جرعات المحبة ونبذ الكراهية.. فمن تصل معه الكراهية إلى حدودها القصوى بقتل الآخرين حتى لو كان الثمن حياته “هو”، لا شك أنه حالة شاذة لم يكن للمرأة دورٌ إيجابي كاف في تهذيبها وأنسنتها.
للمجتمع بكل مؤسساته مثل المدرسة ودُور العبادة والإعلام تأثير طاغ على سلوك الأفراد، لكن باستطاعة الأم أن تعادل أية تأثيرات سلبية يتلقاها أطفالها من العالم الخارجي، فهي الأقرب لهم… ولم يغب هذا الأمر عن قوى التطرف والإرهاب، فتم استهداف جماهير النساء بفكرهم الذي يحط من قدْر المرأة وإنسانيتها، فوجهها عورة وكذلك صوتها، وخروجها للعمل والمشاركة في البناء حرام، وتقريبا أصبحت كل حياتها حرام فالمرأة يطاردها المثل الشائع (( المرا عندها طلعتين، مرة من حوش بوها لراجلها، والأخرى من من حوش راجلها للمقبرة)).
لابد أن تتكاتف النساء لنيل حقوقهن في المجتمعات التي تٌضطهد فيها المرأة، لأن في ذلك هزيمة للتطرف والإرهاب، وبتحقيق هذا الوعي تستطيع النساء الدفاع عن أنفسهن ضد قوى التطرف والتخلف، فمن تكون مهيضة الجناح يتلبسها إحساس بالدونية، لن تنتج إلا أشباحا يكونون جنودا لداعش والقاعدة وبوكو حرام وما شابهها.