الماسونية في ليبيا – خرافة أم بسيسي
محمد الطيب
بدأ مصطلح الماسونية ينتشر في العالم منتصف القرن الماضي من خلال الاستدلال ببعض الرموز و الشخصيات التي اعتبرها البعض محض صدفة، وآخرون أخذوا منه قصصا يروونها للناس، حيث يقال إنها منظمة ممنهجة تتحكم في اقتصاد العالم بل وتختار من يقود الدول العظمى عبر التاريخ من خلال سرد بعض الكتاب كالكاتب البريطاني ديفيد ايك في كتابه السر الأكبر.
إلا أنه لم يكن هناك دلائل وبراهين حقيقية عن الماسونية سوى وجود رموز وشعارات وجدت أصلا في الحضارة الفرعونية وحضارة المايا سابقا.
في ليبيا خرافة الماسونية لها طابع جنوني بعض الشيء، حيث اعتقل أحد الصحفيين الذي ينتمي لإحدى المنظمات المتعلقة بنشر العلم والمعرفة في البلاد سنة 2016 بحجة أنه أحد أعضاء منظمة تدعم الماسونية “الصحفي الليبي، ورغم أنه ترك البلاد بعد اعتقاله وتعذيبه إلا أنه رفض أن يذكر اسمه حول القضية حتى خلال هذا المقال، وكان مستغربا من الجماعات المسلحلة المحسوبة على الإسلام مدى شح معلوماتهم، وجعل خرافة الماسونية حقيقة يستدلون بها.
دعونا نسرد لكم كيف يرى بعض الليبيين مفهوم خرافة الماسونية ولنبدأ بفترة ما قبل الثورة بأشهر، حيث انتشرت فيديوهات وصور تزعم أن القذافي هو داعم مباشر للماسونية، وأدلتهم الغريبة أن تصميم مبنى ذات العماد يتكون من خمسة أبراج صغيرة تعبر عن النجمة الخماسية، وإذا مالت أشعة الشمس فإن ظلالها تعطي صورة حاملة الشموع الخماسية المعروفة لدى اليهود ومن بينهم يهود ليبيا
ومبنى سكني للرئيس السابق القذافي من أعلى يبدو كصليب فوقه شمس مشرقة كما يتوهمون خرافة أم بسيسي مثيرة ومشوقة، حيث ازداد هوس الجماعات الإسلامية المتشددة الموجودة في شرق ليبيا وغربها، حيث قاموا بالقبض على مجموعة من شباب يحتفلون في بنغازي بساعة الأرض والتي يضيئون فيها الشموع ويحتفلون بساعة واحدة في السنة، القبض جاء سببه أن هذه الطقوس هي من عبدة الشيطان والتي لها علاقة بالماسونية أيضا.
ولا ننسى الشاب محمد بن طاهر الذي شارك في احتفال كوميك كون ليبيا “الخاص بالكرتون الياباني” الذي اعتقل من جماعات متطرفة بسبب ارتدائه زياً لإحدى الشخصيات الكرتونية لكنه واجه تلك الخرافة مجددا، بأنه يرتدي ويروج للماسونية بطقوس غريبة على ثقافتهم ومعلوماتهم الشحيحة حول هذا العالم الواسع.
ولإنك عندما تتحدث عن الانفتاح على العالم ومحاولة مواكبته في جميع المجالات أصاب قناة 218 سهام خرافتهم أيضا، التي تعتبر أول قناة ليبية تقدم محتوى يواكب القنوات السعودية والتركية والأوروبية بالعلم والمعرفة وكل جوانب الحياة، فبدأت حملات تشن على القناة بأنها ماسونية لتجد أحيانا صورة تنتشر عن نجمة في ديكورات الأستوديو نجمة اعتبروها ماسونية، لكنها نجمة تجدها في كل مكان، على زخرفات الخزف على مجوهرات الليبيات تجدها في كل مكان، لكن كونها على قناة لا يفضلونها أضافوا فصلا جديدا للخرافة التي لم تنتهِ بعد.
القصة طويلة وخرافة الماسونية في ليبيا هي قصة أطول ناهيك عن الخرافات حول الرسوم المتحركة والبحث عن ماذا ترتدي الشخصيات والشعارات والعيون والنجوم ، وكأنك تريد فقط أن تسأل هؤلاء، لماذا لا تستفيدون من هذا الكم من الخيال والتركيز، في صناعة أشياء تفيد الوطن والعالم.
وانتهاك حقوق الإنسان والتصفيات التي حدثت بدم بارد، أليست هي فعلا من عمل الشيطان، ناهيك عن الطفلة فرح ألم تكن ضحية عمل شيطاني، واستعباد وتعذيب المهاجرين أليست هي من عمل الشيطان أو الماسونية كما تطلقون عليها، فهي في نظر المنطق طقوس شيطانية سمعنها عنها في صفحات التاريخ الدموي.
اتركوا النجوم والأهرامات والعين الواحدة ومعتقداتكم التي ليس لها دليل أو برهان، واقرؤوا حكاية أم بسيسي والفأر الذي سرق الحليب، قد تكون ممتعة ومفيدة أكثر.