المؤتمر الليبي الجامع والبحث عن توافق جديد
العمل على قيادة السراج للعمل السياسي، وحفتر للعمل الأمني ووزيرا للدفاع
إبراهيم الدباشي
لم يعد أحد داخل ليبيا أو خارجها يعتقد بان مجلسي النواب والدولة يمكن ان يكونا طرفاً في حل الأزمة الليبية، فقد اثبتت الأيام أنهما مختطفان من عناصر آخر شيء تفكر فيه هو مصلحة ليبيا والليبيين، وانهما غير قادرين على التوافق على أي شيء في مصلحة الوطن، بل ان نسبة معتبرة من الليبيين أصبحت تنظر إليهما كعقبة كأداء أمام إحياء المسار الديمقراطي وإقامة حكم القانون، ومن ثم بدأت الأمم المتحدة العمل على تجاوزهما والبحث عن بدائل عملية، تضمن توحيد المؤسسات، وإيجاد حكومة قوية بما فيه الكفاية لفرض هيبة الدولة.
الميليشيات بمختلف توجهاتها سواءً ايديولوجية متطرفة أو إجرامية منحرفة أُنْهِكت وضعفت، وأصبح جل قادتها مستعدين للقبول بأي مخرج يجنبهم الملاحقة القانونية أو تصفيتهم من خصومهم وذوي ضحاياهم.
قلة هي الميليشيات الجهوية والقبلية التي ما زالت تزايد بالثورة وتقدم نفسها كوصي عليها، وينتابها الرعب من احتمال عودة الجيش كقوة فاعلة تنزع سلاحها وتقهرها، وهي تعتمد على استخدام ما لديها من وسائل لتهويل الأحداث وتشويه الخصوم لضمان استمرار تحالف كل الميليشيات في مواجهة أي قوة عسكرية نظامية يمكن أن توفر حماية للحكومة في العاصمة وتحررها من هيمنة الميليشيات على قراراتها.
لم يعد من المفيد الحديث عن شرعية السيد فايز السراج وحكومته، ولا عن الجيش وقيادته، فالسيد السراج رغم ما يقال عنه، يحظي بدعم دولي قوي لن يفتقده في الظروف الراهنة، وهو يحاول أن يفعل شيئاً مفيداً رغم كل الظروف غير المواتية، والتي لا يستطيع تغييرها، ومن المؤكد أنه سيكون أفضل من غيره، من متصدري المشهد السياسي، كرئيس لحكومة موحدة تعد للانتخابات، إذا وجد قوة عسكرية منظمة تدعمه وتحظى بدعم المجتمع الدولي، والمشير خليفة حفتر، رغم ما يقال عنه ايضاً، تمكن من بناء قوة لا يستهان بها، وحقق انجازات عسكرية حقيقية على الارض، وهو قادر أكثر من غيره على تحويل القوة المتوفرة تحت قيادته الى جيش متكامل وفعال إذا رُفع حظر السلاح، وأعيد هيكلة الجيش وفقا لمخرجات اجتماعات القاهرة، وانظم إليه الضباط والجنود الذين مازالوا تحت هيمنة الميليشيات، أو لم يلتحقوا بالعمل خوفاً على حياتهم وحياة أسرهم في الغرب الليبي.
ليس أمام الليبيين، ومن يسعى لمساعدتهم في البحث عن حل، إلا دعم تحالف مؤقت بضمانات دولية بين أفضل الفاعلين السياسيين والعسكريين، لتوحيد السلطات، وفرض هيبة الدولة، توطئة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون ستة أشهر، والخيار الوحيد المتوفر حالياً هو العمل على توافق سريع بين السيد السراج والمشير حفتر يضمن قيادة الأول للعمل السياسي كرئيس لحكومة الوفاق، وقيادة الثاني للعمل الأمني كوزير للدفاع وقائد عام للجيش الليبي.
لا شك أن مثل هذا الترتيب ممكن خاصة في غياب أي سلطة شرعية قانوناً، ولكنه سيواجه بمعارضة قوية من جانب عدد كبير من متصدري المشهد السياسي، أصحاب المصلحة في استمرار الفوضى، ومن ثم يجب أن نصل إلى هذا الحل عبر توافق أو شبه توافق ليبي عبر المؤتمر الليبي الجامع الذي يجب أن يضم شخصيات محترمة كممثلين عن كل البلديات يتم اختيارهم بمعرفة المجالس البلدية وليس بالضرورة من اعضاءها.
هل يتحرك السيد غسان سلامة ليدفع بالإعداد للمؤتمر الجامع في هذا الاتجاه، أم أنه سيركن إلى رغبة بعض الدول التي تسعى لأن يكون المؤتمر الليبي الجامع مجرد عبث ناجع في إطار استدامة الفوضى؟