الليبيّ بين مطرقة “العيد” و سندان “صكوك الإجبار”
218TV.net خاص
أحلام المهدي
يُرجِعُ التجار الأسعار الصادمة التي تسود الأسواق الليبية استعدادا للعيد إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل العُملة المحلية، فيما يرى الليبيون أن التجار يحاولون استغلال الأزمة الاقتصادية في البلاد كما ينبغي، إذ قام بعضهم ببيع بضائع قديمة لا علاقة لها بالسعر الحالي للدولار بناء على قيمته الحالية، وقام البعض باستيراد بضائعهم عن طريق اعتمادات مالية تخضع لسعر الصرف الرسمي، ومن ثَمّ بيعت للبسطاء بأسعار فلكية وُضِعت حسب سعر الدولار في السوق السوداء.
أما الحلّ الأكثر “قهرا” لليبيين البسطاء والذي ابتكره جشع بعض التجار، فهو الإعلان على الملأ أن “المشتري” سيدفع 30% مثلا أو أكثر -حسب ضمير التاجر- وذلك ليتنازل الأخير عن حقه في “النقد” ويقبل “الصكوك” التي لم يعُد الليبيّ يملك غيرها، فقدّمها _بقيمةٍ مضاعَفة_ للتاجر مقابل أكله وشربه في رمضان، وسيستمر رصيد البسطاء المتراكم في المصارف في التسرب إلى أرصدة الأغنياء عبر الصكوك التي صارت الحل الوحيد الممكن الذي قد يشتري به الليبي فرحة العيد لأطفاله.
طريقان لا ثالث لهما، سيكون الليبي مُجبرا على السير في أحدهما، كي يزور “العيد” بيته ويحضن أطفاله، الأول هو أن يقرر عدم الخضوع “لتجار الصّكوك”، وذلك بعد حصوله على 400 دينار، قد تكون الحدّ الأقصى الذي يحق له الحصول عليه من المصرف، ليصطدم بجدار الأسعار المتين الذي يتجاوز بمراحل ما معه من نقود، ليكتشف في جولة بسيطة على بعض المحلات أن كامل المبلغ لن يشتري له إلا ملابس وحذاء طفل واحد من أطفاله، هذا إذا كان ولدا، لأن البنت قد تحتاج مع فستانها وحذائها الجديدَين دُميةً و ربطات شعرٍ لن تكفي الأربعمائة دينار للإحاطة بها كلها.
أما إذا قرّر الخضوع لطمع وجشع التاجر الذي أوهمه بأنه تنازل كثيرا ليقبل منه الصكوك، في حين أنه كان طوال عمره يدفع ثمن بضاعته “صكوكا”، فإن الليبي المسكين سيقبل مرغما بشروط وإملاءات التاجر، كأن تكون قيمة الصك أكثر من 1000 دينار مثلا، في حين أن المحل قد يكون مخصصا لملابس الفتيات فقط، بينما المُشتري أبٌ لفتاة واحدة وأربعة فتيان، فيخضع لأجل ابنته، وقد يضطر لشراء أشياء لا تحتاجها، ليكون من بينها فستان العيد، وهكذا تضيق دائرة المُمكن حول “الليبي”، ليجد نفسه “مُرغَماً” تحت وهم “الخيارات المتعددة”.