الليبيون يستعدون لاستقبال شهر رمضان في ظل غلاء غير مسبوق
تكاد تكون تقاليد شهر رمضان واحدة عند كل الليبيين في مدنهم وبلداتهم وقراهم مع بعض الفروقات التي بالكاد تذكر حسب خصوصية كل مدينة أو جهة.
يستقبل الليبيون رمضان 2022 بحذر أكثر وحيرة في ظل الارتفاع الفلكي لأسعار المواد الغذائية، المصنعة والطازجة على حد سواء، خاصةً مع اعتماد المطبخ الليبي على الدقيق الذي وصلت أسعاره هذا الموسم إلى أسعار خيالية، علاوةً على سعر الزيت الذي تكثر استعمالاته أيضاً في المقليات المصاحبة لوجبة الإفطار على المائدة الليبية.
لا يتركز اهتمام الليبيين في الشهر الكريم على الموائد وما يأكلون ويشربون فقط بل ثمة الكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية المصاحبة لليالي الشهر ونهاراته منها الطقوس الاجتماعية من تزاور بين العائلات والأقارب والإفطار المشترك وإقامة مناشط فردية قديماً تتمثل في أهازيج خاصة وطقوس خاصةً في المدن القديمة ومنها ما يتواصل في الزمن الحالي، وأخرى مؤسساتية حديثاً ترعاها جمعيات أهلية أو جهات عامة حكومية، ناهيك عن دوريات كرة القدم وغيرها من رياضات ومسابقات بين الناشئة والشباب وحتى الكهول.
على صعيد الاستعدادات فيما يتعلق بالطعام، فتنقسم إلى نوعين وتشترك فيها أغلب المجتمعات المحلية الليبية وتتلخص في الحلو والحار أكان للإفطار أو للسهرية أو للسحور، حيث يستعد أغلب الليبيين للتجهيز في وقت مبكر قبيل دخول الشهر لأكلة الزميتة وملحقاتها وهي ما يقدم لـ”حل” الصيام أي الإفطار الأولي، والزميتة هي ما يعرف عربياً بالسويق أو السويقة وهي الشعير المحمص المطحون وتخلط به بعض الزعتريات والكمون أو المحسنات الأخرى بكميات بسيطة، وينقلها الأهالي إلى المطاحن ثم يعودون بها لتوزع على أوعية وتحضر يومياً في رمضان والاختلاف في إعدادها من مدينة لمدينة ومن قرية لأخرى فثمة المنطقة من الوسطى إلى الشرقية إلى الجنوبية وبعض المدن الغربية خاصةً العاصمة يتناولونها بخلطها مع أي مادة حلوة تمور أو سكر أو نحو ذلك، أما في مناطق غرب العاصمة فثمة من يتناولها مع فاكهة الرمان أو مسحوق اللوسة الحار الشبيه بالشطة وثمة من يتناولها مع البصل وهذا ما يندر حدوثه في رمضان، علاوةً على مادة شبيهة تحضر أيضاً في البيوت ثم تطحن وهي الروينة التي إما تُشرب أو تخلط مع الزيت وتؤكل بالتمر وهي مكونة من القمح المحمص مرحي مخلوط بأنواع من الدخن والبقوليات ، كما تشتهر بعض المدن أبرزها طرابلس وبنغازي بإعداد الزلابيا في المحلات الخاصة بذلك وبعض الأفران، كذلك أغلب الليبيين يقبلون على شراء كميات كافية من التمور لتناولها أول الإفطار مع اللبن أو الحليب، وثمة من يجهزون الحلويات في البيوت استعداداً للشهر ويرسلونها إلى الأفران خاصةً مع ارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة حيث يتوخى الناس الأسعار الأرخص بإعدادها في المنازل، لغلاء محلات الحلويات.
يقبل الليبيون على شراء المواد الغذائية وبكيمات كبيرة مثل الدقيق والزيت والطماطم واللحوم على مختلف أنواعها لكن معظمهم يفضلون لحم الخروف لأنه يدخل في تحضير الشوربة التي يعرفها البعض بالشربة العربية والبعض الآخر بالشربة الحمراء وهي تتطلب قطع صغيرة من لحم الخروف، أما لحوم الأبقار فتدخل في تحضير مأكولات مصاحبة كثيرة يتناولها الناس في الشهر الفضيل، والكثير من العائلات اعتادوا على شراء الخراف لتغطي إفطارات الشهر ولكن مع ارتفاع الأسعار تراجعت هذه العادة ليكتفي الناس بشراء كليوغرامات محددة كل مرة، إلا عند الأسر ذات الدخل الجيد خاصةً في ظل شح السيولة.
بعيداً عن المأكل والمشرب، تشتهر مدن الصحراء والواحات بعادات وتقاليد متنوعة حسب الرقعة الشاسعة من وسط الشمال إلى الجنوب الأوسط فالجنوب الغربي، حيث تستعد الأمهات لتجهيز العديد من المستلزمات للأطفال من الجنسين وهي استعدادات تبدأ بعد أيام عشرة من بداية رمضان حيث تشهد أحياء تلك الربوع العديد من الاحتفالات الطفولية المواكبة للأعياد الدينية مثل ليلة القدر وغيرها من مناسبات تتزامن مع رمضان.