الليبيون التائهون في “إيطاليا” بين “1911” و”2017″!
شهر “أكتوبر” حافل بكل المناسبات السعيدة والحزينة في كل بقاع الدنيا، لكن حزنا عميقا كان يزور ليبيا في أواخر أكتوبر من كل عام، إذ يفتح الزمن جرحا غائرا في ذاكرة الوطن، لنستذكر جميعا أجدادنا الأكثر من “5000” ليبي، وهم يُبعَدون بشكلٍ قسري عن وطنهم إلى جزر إيطالية نائية في ذلك الوقت الذي لم تسعفنا فيه حتى التكنولوجيا لمعرفة ما حلّ بهم.
فعندما أراد “القذافي” مجدا شخصيا ربما، انتزع إقرارا من “سلفيو برلسكوني” بالمسؤولية الأخلاقية لإيطاليا عن فترة احتلالها للتراب الليبي، عندما التقى الرجلان في “بنغازي” عام “2008”، لكن مصائر الأجداد ظلّت غامضة على السواحل الشمالية للمتوسط، وكأن لعنتها تطاردنا حتى اليوم عندما أصبحت تستقبل هبات المهربين من النفط الليبي، وأيضا عندما صارت هذه الشواطئ قِبلةً للحالمين بالحياة الكريمة لتمتنع عن استقبالهم وتعيدهم جثثا هامدة إلى الساحل الليبي الطويل.
ولأن التاريخ ثابت لا يتغير مهما تعدّدت محاولات طمسه، فإيطاليا قامت بأكبر عملية نفي وإبعاد قسري لأكبر عدد من البشر في التاريخ، والذاكرة الليبية شئنا أم أبينا ستدوّن هذا في صفحاتها، أما أن نمتنع عن تذكّر جزء منا فقط لمجرد أن نظاما سياسيا كان يحيي ذكراه بحدادٍ وحظر طيران إلى ذ وتنكيس أعلام، فهذا ما لن تغفره لنا الأجيال، لأن تاريخ ليبيا فوق المزايدات، والمآسي التي تعرّض لها الليبيون في كل زمان ومكان لا تتجزأ.