الله والإرهاب
طه البوسيفي
هل سوف يدخل الله إرهابيا إلى الجنة؟ وهل العمل الإرهابي (بمختلف صوره وأشكاله) سيكون ممراً نحو جنة النعيم التي لا تفنى؟ وهل الله يجازي بالشكر من يقوم بالتفجير والترويع والقتل والتنكيل؟ وهل هذا يتوافق مع آيات بيّنات في كتاب الله تحث على إعمار الأرض وإنباتها _”هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”_ وإحياء سكانها _”ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”_ على اعتبار أن الإنسان خليفة الله فيها ؟
تنط هذه الأسئلة في فكري كلما رأيت شاباً يافعاً يقسم بأغلظ الأيمان بأنه سيكون شوكة في حلق المرتدين _بزعمه_ ومن ثم يقوم بنسف جسده الطري ومزجه في أجساد العشرات المتجمعين في مكان عام تحت مسمى نصرة الدين، والانتقام لعزة الله، معتقداً أن الله يجازي بالشر ويمنح مقابل القتل حياةً خالدة لا تفنى!
أستغرب من أولائك الذين قرروا أن يصادروا رأي غيرهم وأن يحيلوه إلى رماد فقط لأنه لا يعجبهم، ولأنهم رأوا فيه عائقاً أمام أهدافهم التي تحتاج إلى شعار ذكي وإلى مبرر قوي كي تمرر بسلاسة، وكي تكون عامل جذب لكثيرين، وليس يوجد أفضل من شعار الدين لأنه وبرغم كل محاولات تحييده وتحجيمه تحت مسميات عدم تماشيه مع متطلبات العصر ما زال يحتفظ بلمعانه، وما يزال قادراً على جذب شرائح مختلفة وبالأخص من الشباب (المحبط) الذي فقد الأمل في صناعة مستقبل في الحياة فقرر أن يصنعه أبدياً سرمدياً في الآخرة، هنالك حيث أنهار من خمر وعسل، وثمار لا تنتهي، ونساء أيضاً بحسب تفاسير كثيرة .
لا أبرر هنا لمرتدي الأحزمة الناسفة والذين حولوا أجسادهم إلى ديناميت، إنما لا يمكن إغفال أو تجاهل مسببات تحولهم إلى ذئاب منفردة التي تتحمل جزءاً منها الحكومات والأنظمة التي عجزت أن تخلق تنمية في بلدانها، وأن تستثمر طاقات هؤلاء الشباب المدفونة، فانتقلوا بفعل مغناطيس الجماعات المتطرفة التي تعتمد على قال الله وقال الرسول وحوَّلوهم إلى مشروع انتحاري !
إذا ما جئتَ تسمع لهم يعجبك حديثهم المغلف بآيات المصحف والكتب الصحاح، والذي يخرج من قريحة تجود بمفردات بلاغية، يمتزج فيها السجع مع الاستعارة مع الكناية فترى جملاً يبهرك وهجها وتغريك حلاوتها وطراوتها، لكنها قد تقودك إلى طريق لا رجعة فيه (ONE WAY)، وقد ترسم ملامح نهايةٍ تجعل التاريخ يتغير، ومسارات الأحداث تتحول، وقد تكون له ردة فعل عكسية على مئات الملايين الذين يعتنقون نفس الديانة، وما حدث بعد أحداث سبتمبر خير دليل .
لماذا يقحمون الله في خلافاتهم مع الآخر؟ لماذا يمرغون ذات الله التي يفترض أنها منزهة عن كل عيب وذميمة ونقيصة في مستنقع الدماء؟ لماذا الزعم على إطلاقه بأن الله ينتظرهم على باب الجنة كي يتوجهم أبطالاً وفرساناً، وكي يضع الرتب على أكتافهم، والنياشين على صدورهم !!
وجدت الأديان كي تستمر الحياة، وقتل النفس البريئة قتل للحياة، قطعاً هنا لا يمكن للأديان أن تكون داعيةً للقتل فهي سوف تقتل نفسها من دون أن تدري، الله بريء ورسوله من أفعال من صدّر نفسه زعيماً باسم الدين وقرر أن يحتكم للسيف! وظن أن الله يفرح كلما فجر شاب نفسه !