“الكزة” يكشف لـ”البلاد” تعقيدات ملف “إعادة الإعمار”.. وعلاقته بسيادة الدولة
فتحت حلقة برنامج “البلاد”، الأحد، ملف الإعمار في ليبيا، وما يترتب على ذلك من استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي.
ماهية إعادة الإعمار
وقال مدير المشروعات ببلدية بنغازي المهندس أسامة الكزة: إعادة الإعمار تعني إعادة البناء وإعادة الإصلاح، وهي الأرضية لتحقيق التنمية، ورفع الاقتصاد، وبالتالي رفع جودة حياة الإنسان.
وأضاف: إعادة الإعمار ترجع إلى كل دولة وظروفها؛ بل وكل مدينة وظروفها، بناءً على موقعها، وتاريخها، والجغرافيا، والتضاريس، وتشمل الإعمار أبعاد عدة؛ منها البعد المادي الفيزيائي “البنية التحتية”، والبعد الاجتماعي، والبعد الاقتصادي، وإعادة الإعمار المؤسسي، وإعادة الإعمار للتشريعات والقوانين، مما يعني أن إعادة الإعمار تشمل جميع نواحي الحياة.
وبحسب “الكزة”؛ تتطلب “إعادة الإعمار “وضع خطة طويلة الآجل؛ لذلك تختلف الأولويات من مدينة إلى أخرى، فمثلاً تعرضت مدينة بنغازي لحرب طويلة، وهذا سبّب تأخر التنمية، فيما لم تشهد “سبها” حربًا، ولكنها مع ذلك تحتاج إلى الكثير من الإعمار وهذا هو المقصود بالأولويات”.
– ما هي الصعوبات التي تواجه إعادة الإعمار في ليبيا.. وليكن الحديث عن بنغازي نموذجًا؟
· ليبيا حاليا دولة منزوعة السيادة وغير مستقرة سياسيًا، واقتصاديًا، وأمنيًا، وغير موحدة في حالة حرب، وانقسام سياسي حاد، ببساطة كل هذه الظروف لا تسمح بإعادة الإعمار، لكن بشكل عام؛ هناك أربعة نقاط أساسية لابد أن تتوفر في أي دولة وهي:
1. الإرادة السياسية التي تكون أحيانًا محلية، داخلية تنبع من الدولة نفسها، وأحيانًا أخرى إرادة سياسية خارجية.
2. توفّر الأمن والأمان والعدالة الأمن؛ لا يقصد به عدد الآليات والجنود وإنما الإحساس بالأمن والأمان.
3. توفّر الإمكانيات المادية والبشرية والتشريعية والقوانين.
4. الدعم الشعبي وشراكة مجتمعية.
– إعادة إعمار ليبيا يحتاج إلى التركيز على بعض النقاط المهمّة. برأيك ما هي؟
· الإصلاح المؤسسي الشامل، ليبيا تعاني من انهيار كامل في مؤسسات الدولة لذلك لابد من القيام بإصلاح مؤسسي شامل. “تقليل حالات الفوضى وعدم الانضباط، وتضارب الصلاحيات”، والابتعاد عن المركزية، وليبيا في العام 2006، دخلت في مشروع إعمار كبير، وبحسب رجل اقتصاد أمريكي معروف هو مايكل بورتر قال ” ليبيا منظومة صُمّمت بعناية حتى لا تعمل”، تنويع الاقتصاد من المعروف أن اقتصاد ليبيا ريعي، ويجب دعم القطاع الخاص.
– ما الذي أوصلنا إلى هذه الحالة من انهيار البنية التحتية في بنغازي، رغم موقعها الجغرافي المهم، وعدد سكانها الذي تجاوز مليون نسمة؟
· تأخر التنمية لفترات طويلة بسبب سياسات النظام السابق، كان من المفترض أن هناك خطة للبنية التحتية تبدأ في العام1978، وتنتهي في العام 2006، مُقسّمة إلى سبعة مراحل وكل مرحلة مدتها خمس سنوات، ما نفذ من هذه الخطة هو المرحلة الأولى فقط.
وقد وقع سوء الإدارة “بين فترة النظام السابق والعشر سنوات الماضية”، ترتب عليه قصور في مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والأمنية والترفيهية والعشوائيات التي تعتبر أكبر خطر يهدد المدن الليبية، ونقص المساحات الخضراء، مدن بدون دور موسيقى وسينما، ومراكز رياضية صحيحة، ولا مطارات ولا موانىء ومراكز ثقافية. إلى جانب النمو الاقتصادي المتزايد.
وهناك مشروع تنموي حدث في 2006، عنوانه “ليبيا الغد” تحصل على كل الإمكانيات المادية وكان يوجد به إدارة سياسية حقيقة لكن للأسف المشروع كان بطيء بسبب المنظومة الليبية المعقدة والفساد والفوضى والمزاجية. المشروع توقف مع أحداث فبراير.
حجم الخسائر في مدينة بنغازي فقط. يمكن القول عنها ما يلي:
ـ كانت نسبة الشركات الأجنبية في مدينة بنغازي قبل فبراير تشكل تقريبا 68٪ ،
ـ عدد المشاريع للشركات الأجنبية في مدينة بنغازي تقريبا ( 50,700) مشروع بقيمة 13 مليار دولار، إضافة إلى (1,812) مشروعًا لشركات محلية بقيمة 5,5 مليار دولار، وتقريبا (63 ) مشروعًا لشركات مختلطة “أجنبية وليبية” بقيمة 8,5 مليار دولار.
هذه الأرقام خسائر مادية وتنموية بسبب أحداث فبراير.
ـ الحرب سبّبت دمارًا ماديًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا، وسياسيًا.
– مدينة مثل بنغازي.. ما الذي تحتاج إليه لإعادة إعمارها؟
· إعادة الإعمار مشروع وطني إقليمي وليس شأنًا داخليًا، والأموال لا تقف عائقًا أمامه، لذلك يجب أن تكون لدينا خارطة طريق واضحة، باعتبارنا جزءًا من العالم ولنا موقع جغرافي ممتاز، وهذا ما نحاول فعله الآن.
والأطراف المهمة في ذلك هي “الحكومة الليبية ومصرف ليبيا المركزي، البلديات، والجامعات، والنقابات، والبنك الدولي، والأمم المتحدة، والخبرات، والرقابة والتمويل والاتحاد الأوروبي، والمصارف الخاصة، والمصارف الخارجية الخاصة، والصناديق السيادية، والهيئات غير الحكومية الدولية”.
ولابد من توفر رؤية تتعلق بتقييم الوضع العام، واولويات، وتحديد صلاحيات، وخطة “تشريعية وتطبيقية”.
ومصادر التمويل في ليبيا هي “المصرف المركزي، والقطاع الخاص، والأموال المجمدة، وموارد اقتصادية غير مفعلة، والصناديق السيادية، هذه المصادر محلية”، أمّا المصادر الدولية “القروض الدولية من المصارف”.
– هل يمكن أن يساهم إعادة الإعمار في تحقيق الاستقرار وإنهاء الصراعات؟
· إعادة الإعمار تفرضه الحروب والأسباب الطبيعية كالبراكين والزلازل، ولكن أحيانًا تحدث طفرات اقتصادية مثل ما حدث في دول الخليج مثل قطر والإمارات هذه الدولة لحقت بركب الحداثة بسبب اقتصادها القوي.
إن إعادة الإعمار تنتج عنها قوة اقتصادية؛ تحمي الدولة وتجعل لها سيادة.