“الكذب” على مواقع التواصل.. بين “العادة والمرض”
218TV| خاص
تنتشر في أوساط الشباب الليبي قصص كثيرة عن حبيبة افتراضية اكتشف حبيبها أنها في الواقع “ابن جيرانه” الذي أوقع به، وعن حبيب افتراضي يعمل مهندسا في شركة كبرى اكتشفت حبيبته أنه مجرد “قومّيستي” في إحدى الورش التي لا يملكها، مع احترام كبير لكل صاحب مهنة أو حرفة أحبها وأبدع فيها ونجح ، وهكذا فإن هذه الظاهرة استشرت كثيرا في المجتمع الليبي بداية من صور الجميلات والحسناوات على بروفايلات الفتيات حتى صور الشبان الوسيمين الأنيقين على بروفايلات الشبان.
هذا طبعا فيما يتعلق بالشكل الخارجي الذي قد نجد له مبررا في مجتمعنا الليبي الذي يضع قيودا اجتماعية صارمة على الصور وتداولها بين العامّة، وأقصد هنا صور الفتيات طبعا، لأن نسبة الليبيات اللاتي يضعن صورهن الشخصية الحقيقية في صفحاتهن لا تتعدّى العشرين بالمئة كأقصى تقدير، مهما خدعتنا كثرتهن.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو لماذا الكذب فيما يتعلق بالمعلومات الشخصية الأخرى مثل الشهادة العلمية ومكان العمل والسكن والمستوى الثقافي؟
ولماذا يضع الكثيرون أنفسهم في هذا الموقف الذي يتحول إلى خدعة كبرى بعد اكتشاف الحقيقة؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نلقي نظرة فاحصة على المجتمع الليبي الذي يرتفع فيه قدر الإنسان إذا سبق اسمه حرف “أ” أو “د”، ويلقى فيه الشاب القبول من الجميع إذا كان يتمتع بقدر جيد من الوسامة والأناقة، حتى إذا كان آخر تحصيله “شهادة الصف السادس”، أما لدى شريحة كبيرة من الليبيين فإن المال هو الفيصل، ليغطي إذا حضر على الشكل وعلى المضمون أيضا !
والإنسان ابن بيئته، وسيحاول بكل الطرق أن ينتمي إلى هذه البيئة ولو افتراضيا، حتى أن من يعيش حياة صاخبة تعج بالأخطاء في الواقع لن يتوانى عن سبّ أحدهم إذا ما تجرأ ونشر إحدى شطحاته على الملأ “الافتراضي”، ذلك أن الفضيلة تطغى على كل شيء في هذه العوالم التي نُفصّلها على قياس المجتمع الذي ننتمي إليه.
وهكذا فإن المثالية والكمال هما الحاضران افتراضيا الغائبان في الواقع، من الصور وحتى المنشورات التي تضج بالحكمة والتعقل وحب الخير للجميع، حتى أن البعض يتساءل عندما يلقي نظرة على بعض ما يدرجه السياسيون والعامة على صفحاتهم، من يصنع الأزمات في هذا الوطن إذا؟
وكيف تتناسل المشاكل والصراعات في رحم الواقع فيما تتلاشى على منصات التواصل الاجتماعي لتصنع مجتمعا جديدا علينا، بعيدا عن حقيقتنا؟