“العَجُّور” فاكهة ليبيا البرية المهددة بالانقراض
محمد خليفة إدريس
يزخر الجبل الأخضر بتنوع بيئي ثري، ولكنه مهدد اليوم بفعل التعدي على الغابات وتقسيم الأراضي الزراعية لمخططات غير قانونية؛ بغية الكسب السريع ويستند المتعدون على غياب القانون للوصول لمبتغاهم.
نبات الشماري الذي ينتشر في الجبل الأخضر والذي يُسمى علمياً باسم “قطلب أونيدو” أحد هذه النباتات النادرة التي يحتضنها الجبل، وهي شجيرات دائمة الخضرة تنتمي إلى الفصيلة الخلنجية، تُنتج ثماراً حلوة المذاق تُعرف محلياً بـ”العجُّور”، ولكنها اليوم باتت مهددة بالانقراض في ظل الرعي الجائر والاحتطاب غير المتزن، إضافة إلى زحف المخططات السكنية على المحميات الطبيعية المخصصة لها.
في منطقةٍ تقع بين شحات والأبرق، تقع محمية الشمارية التي حملت اسم هذا النبات لكونه الأكثر انتشاراً، ولكن هذا الكنز اليوم بات مهدداً بالزوال، فبالإضافة إلى العوامل السابقة تعاني الشجيرات انتشاراً كبيراً لفطريات تغزو أغصانها وتقتل الشجيرات شيئاً فشيئاً، حتى تصبح أثراً بعد عين.
ومن خلال الرصد لمعظم الأشجار تبيّن انتشار هذه الآفة في معظم مناطق نمو الشجريات في الأجزاء الشمالية والوسطى بمنطقة الجبل الأخضر، والمنحدرات الشمالية، وخاصة في منطقة لملودة حيث غزارة الأمطار، وأيضاً في المناطق المتاخمة لمدينة البيضاء والمرج وتاكنس ووادي الكوف وشحات ووادي المهبول ومرسى سوسة ووادي روسيت ِووادي كالا (فوق رأس هلال) ورأس هلال.
ولنبات الشماري أهمية اقتصادية وزراعية عبر توظيف الخشب والجذور والأوراق بالإضافة إلى الثمار والأزهار التي يستفيد منها منتجو العسل في الحصول على أفضل وأغلى أنواع العسل، جراء تغذية النحل على أزهار وثمار الشماري لإنتاج عسل “الحَنُّون” المميز ذي المذاق المُرّ لاحتوائه على مادة الاربوتينيو Arbutine، ذي الفوائد الطبية العالية.
كنز ليبيا البرّي بات اليوم مهدداً بالانقراض، وعلى الرغم من كون النبات ينتشر طبيعياً في منطقة حوض البحر المتوسط وخاصة في المناطق الشرقية، وفي غرب أوربا وجزر الكناري وغرب آسيا وبعض مناطق أمريكا وبعض مناطق شمال أفريقيا، ومن أهمها اليونان وأيرلندا وليبيا وتونس وفي بعض الدول العربية كالعراق الذي يُسميه “القطلب”، بينما يُسمى في الأردن بـ”القيقب”، إلّا أن ثلاثة أصناف من أصل عشرين صنفاً مكتَشفاً لا توجد إلا في ليبيا فقط، فهل سيعِي المواطنون خطورة عبثهم بهذا الكنز أم سيتواصل استنزافه حتى يختفي؟ وهل ستتدارك أجهزة الدولة الأخطار المحدقة بالنبات والمتمثلة في الأمراض الفطرية والآفات البشرية أم أنها ستختفي لتكون ذكرى نرويها لأحفادنا، وتصل للأجيال اللاحقة في صفحات الكتب كما نبات السلفيوم.