“العلاقة الفاترة” بين الليبيين و”الطبيب الليبي”.. إلى متى؟
218TV.net خاص
أحلام المهدي
لم تكن علاقة الليبيين بالأطباء على ما يُرام في يومٍ من الأيام، فبينما يرى الليبي أن الطبيبَ الليبي أقلّ معرفةً وعلما من غيره، لدرجة أنه قد يفكر ألف مرة قبل أن يُسلّمه جزءا من جسده، ليُعمِل فيه مبضعه، أو حتى الأدوية التي يصفها له، يرى الطبيب أن الناس في ليبيا يُجحِفون في حقّه، ويُسيئون إليه كثيرا، باتهامه تارةً بالغرور والتعالي وتارةً أخرى بعدم الدراية بقواعد هذه المهنة الإنسانية النبيلة.
أما الطبيب الليبي الناجح والمتميز في الخارج، فكل طرفٍ ينظر إليه بعين، فيقول الطبيب أن من ينجح في الخارج، كان قبل ذلك افتقد الدعم والتقدير في وطنه، وعندما وجد ذلك خارجه، سطع نجمه، أما الليبي العادي فقد يتمادى ليتهم الطبيب بأنه ترك واجبه الوطني والإنساني، طلبا للمال والاستقرار في الخارج.
لكن فترة من التصالح طرأت بين الطرفين قبل سنوات، فهبّ أطباء الداخل والخارج للمشاركة في إسعاف وعلاج مصابي الأحداث الدامية التي اجتاحت البلاد عام 2011، ولم تنتهِ تبِعاتها حتى اليوم، لكن هذا لم يستمر طويلا، بل تفاقم الوضع في السنوات الأخيرة، ليجد الطبيب الليبي نفسه بين مطرقة واجبه الإنساني وسندان احتياجاته من ضروريات الحياة التي تطارده كل يوم، ويجد الليبي المحتاج إلى العلاج أو استشارة الطبيب نفسه أيضا يرزح تحت وطأة شُحّ النقود، وارتفاع تكاليف المستشفيات العامة التي لم تعد تختلف كثيرا عن المصحّات الخاصة.
أما “طالب الطب”، فقد وجد نفسه تائها في الطريق بين هذا وذاك، فكثيرون انقطعت بهم السبل إلى كلياتهم، ليدخلوا في رسم النزوح والاغتراب، سواء داخل الوطن أو خارجه، هذا عدا التكاليف الباهظة للدراسة من أدوات ومراجع هامة يحتاجها الطالب منذ أن تطأ قدماه بوابة الكلية، ولن يجد إليها سبيلا طبعا في مثل هذه الظروف.
فالوضع الاقتصادي لم يعد يبتسم إلا لمن يعتمد على ساعديه كعملٍ قد يكون أقرب إلى الموهبة منها إلى الدراسة، فبتقاضى عمالُ البناء والطلاء والسبّاكون مبالغ مُرضية نوعا ما، رغم تأثرهم أيضا بخلو الجيوب والبنوك الليبية من المال، أما الأطباء الحاليون فمازال الوضع أفضل بالنسبة إليهم من “الطلبة” الذين وصلوا منتصف الطريق، ليتوقفوا عن التقدم وهُم عاجزون عن الرجوع للوراء، فيما ينظرون إلى المستقبل بعيون ملؤها الريبة.