العقيد “الغائب الحاضر”.. في مأساة ليبيا المفتوحة
218TV | خاص
الخبر الثابت الذي يتردد كل عام في العشرين من شهر أكتوبر أن العقيد معمر القذافي قد رحل عن ليبيا وذاكرة ناسها بلا عودة، وأن “حالة إنكار” أيتام نظامه لموته قد تآكلت كثيرا في السنوات القليلة الماضية، ومن الثابت أيضا في ذكرى وفاته التي تتجدد اليوم أن ما يثار ليبياً بشأن العقيد أو أفراد عائلته ليس سوى “حنين مصطنع”، يعرف كثيرون من الليبيين أنه لا أفق له في ظل الدوامة السياسية التي تعيشها ليبيا منذ عام 2011 ومن دون أن يُظْهِر الليبيون أي “اتعاظ سياسي” من المرارات التي عاشوها حتى الآن.
مات العقيد جسداً، لكن إرث القذافي لا يزال حيا بأدلة وبراهين يتداولها الليبيون الذين يرهقهم حال بلادهم وجبل الأزمات التي ترقد فوق صدورهم، عدا عن الانقسامات والمواجهات التي تهدد وجود ليبيا، إذ لا يتردد ليبيون في اعتبار أن الانهيارات للقطاعات الخدمية في بلادهم لم تبدأ مع ثورة فبراير بل بدأت عمليا مع السنوات الأخيرة مع عهد العقيد حينما كان الليبيون يضيقون ذرعا بغياب قطاعات تعليمية وطبية تنقذهم من تجشم عناء السفر إلى تونس ومصر لتلقِّي العلاج أو التعليم.
لا يتوقف الليبيون عن إحصاء الأدلة التي تؤكد أن العقيد لا يزال على قيد الحياة فيلتفتون إلى القطاع الطبي فيكتشفون أن مشافياً ومراكز طبية على وشك الانهيار، أو على صعيد الخدمات الطبية التي توقفت في مراكز عدة طيلة السنوات القليلة الماضية، عدا عن أن الليبيين باتوا يسافرون بالآلاف يوميا لتلقي العلاج في دول مجاورة، في حين أن بلدا نفطيا ثريا مثل ليبيا كان يُفْترض أن تكون فيه مشافٍ على طراز أوروبي، وأن يكون لليبيا مراكزها الطبية الضخمة والمتطورة، والتي يمكن أن تُشكّل مصدر دخل يأتي من “السياحة العلاجية”.
ومن الأدلة التي يُورِدها ليبيون على أن العقيد لا يزال حياً هو خطاب الكراهية الذي زرعه العقيد على مدى أربعة عقود بين الليبيين، حينما شجّع إقصاءهم وتهميشهم، إضافة إلى “التغييب القسري” لليبيين، ووجبات قتلهم وشنقهم أمام الناس في محاولة لدب الرعب في قلوبهم، وهو ما أسهم في نشر ثقافة الجرائم المروعة في المجتمع الليبي، فيما يُورِد آخرون دليلاً آخر على أن العقيد لا يزال حياً وهو “نشر السلاح” في أيامه الأخيرة، وطلب من الليبيين أن يُحوّلوا ليبيا إلى “نار حمرا جمر” كما قال بـ”الصوت والصورة”، فكثير من السلاح الذي فتح القذافي خزائنه أمام الشباب هو دليل آخر على أنه لا يزال حياً، بانتظار أن يدفن الليبيون “إرثه الدموي”.