العصيدة.. دقيق وغربالناه
عصام جاد الله
يحول الحول وتأتي ذكرى المولد النبوي الشريف لتشتعل معها مواقع التواصل الاجتماعي بموضوع الاحتفاء بهذه المناسبة الدينية من عدمها بين مؤيد ومعارض ومحلل ومحرم بشرعية الاحتفال بها.
(العصيدة) تلك الأكلة الشعبية الليبية الاشهر في هذا اليوم والتي يتم تحضيرها وتناولها صبيحة المولد النبوي تعد أكثر الطقوس مثارة للجدل ورغم تعدد مظاهر الاحتفال من (قنديل وشموع وخميسة والدربوكة والحنة) إلى جانب عدة طقوس وعادات أخرى طواها النسيان مع تطور الزمان والمكان الا أنها تكون الاولى على قائمة الطقوس المحرمة لذا الاصوات المعارضة للاحتفاء بهذه الذكرى السنوية .
جدل سنوي يسبق “المولد” ينقسم في مضماره الشارع الليبي بين مجموعة مؤكدة على أن العصيدة عادة وليست عبادة ومجموعة أخرى مُحرمة لهذا الفعل و مستهجنة واصفة إياه بالبدعة المضلة الذاهبة بفاعلها للنار حيث اتخذت هذه المجموعة المساجد وخطب الجمعة والمنابر الاعلامية المختلفة للترويج لمفهومها المتشدد هذا الذي وصل حد الضغط على مؤسسات الدولة الرسمية بغرض منع أي مظهر من مظاهر الاحتفال.
كل هذه الاختلافات السنوية غير المتجددة في فحواها ومضمونها تقودنا الى القول بضرورة وضع حد لهذه العادة الجدلية التي قد تكون أضر بكثير من عادة أكل (العصيدة) اذا ما استمر اصحاب الفكر الديني المتشدد بفرض ثقافة الضلال والتكفير والحكم الألهي دون أي مرجعية دينية وسطية مما جبل عليها الشعب الليبي منذ دخول الإسلام أرضه.
وإذا ما دق ناقوس الخطر واتخذت الإجراءات الرسمية المناسبة من قبل الجهات ذات الاختصاص في الدولة للحد من هذا التطرف والمغالاة فإن هذا الجدل سيستمر ويستمر والنتائج ستكون وخيمة يوما ما وخاصة على أولئك البسطاء من العامة الذين ما لبثو أن احتفلوا بهذه المناسبة العظيمة كل عام بالعصيدة وزينة الشوارع وإقامة حلقات الذكر وخروج الزوايا الصوفية وكذلك الاطفال هؤلاء البسطاء هم من تعلو اصواتهم كل عام بالفرح والبهجة، ضاربين بعرض الحائط التهديدات والقرارات الداعية بمنع ذلك مؤكدين على المثل الشعبي القائل ( دقيق وغربلناه) لكل من يطعن في شرعية احتفائهم بذكرى مولد سيد الخلق عليه افضل الصلاة والسلام وليكن العنوان العريض ليوم “الميلود” كما يسميه الليبيون “ليبيا خلقت للفرح والسعادة ولم تكن يوما مغارا مظلم تسكنه الخفافيش”