العبور العظيم
خالد محمود
لا جديد يذكر ولا قديم يعاد فحالة المنفذ الليبي للجهة الشرقية مع مصر كما هي.. إذ يعاني المنفذ من الإهمال وضعف الإمكانات رغم تمتع المكان بمبانٍ حديثة الإنشاء إلا أنها تحتاج الصيانة الدورية.
ومع تكليف مدير منفذ جديد أعطى زخما وحيوية تجلت في وجود عناصر أمنية شابة على تمركز بوابة السلام، أول بوابة تقابلك من جهة بلدية امساعد وانت قادم الى المنفذ، وقد تلاحظ وجود عدد من أفراد الجيش الليبي كلفوا حديثا باستلام بوابات المنفذ وهم يشرفون على فحص جوازات المسافرين وتفتيش سياراتهم.
وكحال جميع المنافذ البرية ستجد الإيجابيات الغارقة في بحر من السلبيات مثل التسيب والتغافل أو غض الطرف عن الشارد والوارد، وأهم ما ستلاحظه في منفذ ليبيا الشرقي أرتال الشاحنات المحملة بالبضائع المتنوعة الخفيفة والثقيلة القادمة من مصر وكذا الحال وأنت قادم من جهة مصر الى المنفذ الليبي سترى ذات الأرتال وهي تقف تنتظر الإذن بعد الانتهاء من الإجراءات الروتينية لاستكمال مسيرها الى الجانب الليبي.. محملة بالبضائع والمواد الصناعية مثل الإسمنت والرخام وغيرها.
وستقابلك هذه الشاحنات وتخفي عنك معالم الطريق الى طبرق وهي تسير بشكل تتابعي وراء بعضها فوق طريق متهالكة إلا أنها تجبر على التوقف ليلا وفقا للقرارات الصادرة عن وزارة الداخلية، بالعودة إلى المنفذ تنشط حركة المسافرين الليبيين الى مصر للعلاج والسياحة ولأن السفر اقتصر على سيارات الأجرة فإن سيارات الفيتو تتحرك بشكل حيوي يقودها شباب ليبي من بنغازي وطبرق ومناطق في غرب البلاد يبحثون عن كسب قوت يومهم بالحلال ومنهم من التحق بهذا العمل مرغما لأنه لم يجد سبيلا آخر.
ويمر سائق الفيتو بسلسلة من الإجراءات الروتينية عند رغبته السفر الى مصر فإن كانت هذه الإجراءات مبسطة في الجانب الليبي إلا إنها معقدة ومكلفة في الجانب المصري وإذا كان سائق الفيتو لا يستغرق سوى بضع دقائق في المنفذ الليبي من دفع رسوم وتفتيش وختم جوازات فإنه سيواجه بعدة إجراءات روتينية على الجانب المصري يشوبها البطء والمماطلة ويدفع ما لا يقل عن ألف جنيه مصري بالإضافة إلى ما يأخذ بسيف الحياء علاوة عن دفع رسم الدخول للأفراد، فالفرد الواحد يدفع 350 جنيها مصريا عند دخوله من الحدود المصرية ويدفع مثلها عند العودة أي المبلغ مجتمعا 700 جنيه مصري تدفع عن كل فرد مهما كان عمره حتى الرضع.
والطريف أن وصل الرسوم لو ضاع منك ستجبر على الدفع مرة أخرى بمجرد عبورك لما يسمى بالمحايد بين الجمرك الليبي والمصري متجها الى قوس الجمرك المصري ستوقف إذا كان عمرك أقل من 45 سنة وغير مسجل بكشوفات البلدية أو المخابرات وإن كنت قد سجلت فستنتظر وصول الكشوف الى أول بوابة مصرية بعد المحايد للتأشير على اسمك والسماح لك بالدخول لتخضع لسلسلة من الإجراءات الروتينية كالتفتيش وفحص الجوازات بصورة متكررة ودفع رسوم الدخول 350 جنيها مصريا ثم السير الى صالة الجوازات وسيارات الفيتو ستخضع للتفتيش الآلي واليدوي معا بالإضافة الى تفتيش حقائب المسافرين وعند الوصول الى صالة الجوازات لختم الجواز ستبدأ مرحلة من الانتظار الطويل.
وبعد تعبئة كرت الدخول بالبيانات المعروفة اللقب والاسم تسلم الجواز بالكرت الى رجال الجوازات الجالسين أمام أجهزة الكمبيوتر ويفصلك عنهم شباك فيدرجون البيانات ثم تبدأ مرحلة المناورات ورمي السنارة ليجبرك الانتظار الطويل على أكل الطعم واللجوء الى أساليب أخرى لتقصير مدة الوقوف بالصالة التي تفتقر لأبسط وسائل الراحة بالإضافة الى الازدحام وتشاهد العجزة والشيوخ والأطفال في حالة انتظار مملة داخل صالة صغيرة كذلك سيارات الإسعاف رابضة عند مدخل الجمرك المصري تنظر وصول المرضى الليبيين الذين يمرون بسلسلة من الإجراءات الروتينية المملة مثلهم مثل الأسوياء.
الشيء الوحيد المفرح في المنفذ المصري هو الجيش المصري فهم شباب يؤدون عملهم بصمت لا يحشرون أنوفهم فيما لا يعنيهم لا تسمع منهم كلمة نابية أو تعليق ولا يسألونك شيئا أبدا همهم الأول والأخير أمن مصر ويستقبلونك بكلمة “حمد لله على السلامة”.