الطابور الليبي لن ينتفض !
عبدالوهاب قرينقو
فيديو تناقلته مواقعُ التواصل الاجتماعي؛ جسّد صورة الذل الذي يعيشه المواطن الليبي، دون حلّ من كل الحكومات والأجسام التي تحكم البلد، رغم أنف أهل البلد..عشراتٌ وربما مئات من كبار السن –بركة البلاد- يتدافعون في طابور طويل أمام البنك، صورةٌ أبلغ من أيّ كلام .. كهول البلاد وشيوخها يتساقطون في طابور لا تبدو له نهاية، من أجل الحصول على حفنة دنانير من مرتباتهم وأموالهم العالقة في مصارف مرتَهنة لفشلِ مركزيِّ البلاد.
. . . وليس أسوأ من طوابير المصارف غير الإذلال اليومي الذي يلقاه المواطن أمام الأفران من أجل الرغيف، فيما يجلس مسؤولو الحكومة في مكاتبهم الوثيرة، يناقشون بترف خُطّة لما يرون أنّه إصلاح اقتصادي.
لم يَعُد المواطن يتساءل عمّا إذا كان حكّام اليوم يرون ما يعانيه، بل ترجم سؤاله إلى غضب يجتاح الشوارع، فسقفُ المطالب كما كلّ مرة يرتفع كلما احتقن الوجع نحو إنهاء كل هذه الأجسام الفاشلة، تشريعية كانت أم تنفيذية على حدٍّ سواء، تُحكم قبضتها على مفاصل البلاد حتى صارت عبئاً على المواطن، لا خادمة لمصالحه بل مصالح رموزها وأزلامها ومن دار في فلك طغيانها وتشبثها بالكراسي والصراع عليها.
المواطن اليوم ليس بحاجة لكل كتاباتنا هذه لتذكّره أنّه تحوّل إلى فريسة بين ذلّ الطوابير وصراع الحكام .. حكم متشظٍّ في هياكله وفي إنتاج القسوة .. صار ساستنا “الميامين” مجرد أجسام تنفيذية وتشريعية تتراكم على صدر الوطن الليبي، لتجعل منه مجرد ساحة للطامعين والمغامرين، فساسة ليبيا اليوم وما أدراك ما هم، مجرّد شخوص تمثّل الفشل في أغرب صوره، لم ينجحوا إلا في جعل البلاد مرتعاً لمن هبّ ودبّ من المغامرين والطامعين، تارة بذريعة أنّ كل الدول تسعى لمصالحها، وتارةً بحجّة أنّ جميع الأطراف تستعين بالأجنبي وتستقوي به.
أجسام اليوم السياسية، أتشريعيةً كانت، أو تنفيذية، أو حتى أمنية، تناست أن تسعى إلى مصلحة ليبيا ومواطنيها، كما تفعل الدول الحاشرة أنفها في جيوب البلاد الليبية وسياسييها، بل وحتى عمداء بلدياتها والموظفين المحليين.
سلطات ليبيا اليوم من الترهل بمكان، تركت فيه الحبل على الغارب، من الحدود المنهكة السائبة مروراً بتجويع الشعب وليس انتهاءً بالسواحل التي صارت ملكاً لمهربي البشر وهدية على طبق من ذهب لإيطاليا وفرنسا وغيرهما من دول تتعارك على الكعكة الليبية، بحجة الإنسانية وحقوق الإنسان واستقرار ليبيا.
بعثة أممية لا تريد الاعتراف بفشلها، وسفارات أجنبية تعمل كوزارات “أوروليبية” للعلاقات العامة في مسك زمام أطراف الصراع الليبي، ودول أصغر شأواً لكنها موتورة تهدد بإرسال بوارجها إلى البلاد المنهكة منزوعة السيادة والهيبة، في ظلّ تردد الشارع الذي يئس من الثورات التي ستأتيه بنماذج أخرى فاشلة…
لن ينتفض طابور المواطن… ويستمر السياسي في تدمير الوطن!.