الضدان: ترامب والدستور
هشام ملحم
قبل أن يصل الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ليحكم البلاد وفقا للدستور الذي يفترض أن يدافع عنه، نجد أنه يقوم بحملة لتقويض الدستور الذي سيضع يده عليه عندما يدلي بقسمه في العشرين من كانون الثاني المقبل. ليس من المبالغة القول إن ترامب الذي ربما قرأ الدستور عندما كان في الثانوية، لم يقرأه حديثاً، وان كان يردد دائما التعديل الثاني فيه، والذي يضمن حق المواطن اقتناء الأسلحة النارية، لكنه لا يتحدث قط عن التعديل الأول والأهم والمتعلق بالحريات التي يضمنها الدستور مثل حرية التعبير والعبادة والتجمع وغيرها. وخلال الحملة الانتخابية الطويلة وبعد انتخابه لم يتحدث ترامب قط عن حقوق الإنسان في العالم، عكس أسلافه، لا بل كان يمتدح الزعماء الأوتوقراطيين أمثال الرئيسين فلاديمير بوتين ، ورجب طيب أردوغان.
ولع ترامب بالتغريد، وربما الأصح القول إدمان ترامب التغريد ساهم في نجاحه، وهو يرى أنه قادر على تعبئة قاعدته (أكثر من 16 مليون نسمة يتبعون حسابه على التويتر) بسرعة وبشكل مباشر وفي أي وقت. وهو يؤكد مراراً أنه لن يتخلى عن هذا الأسلوب في الاتصالات حتى بعد أن يبدأ مهماته الرسمية. وأي مراجعة لتغريدات ترامب تبين بوضوح ولعه بنظريات المؤامرة، واستخفافه بالحقائق، وحساسيته المفرطة حيال أي نقد، أو حتى الإيحاء بالنقد.
في الأسبوع الماضي فاجأ ترامب ( الذي لا يستطيع أن يخفي غضبه لان هيلاري كلينتون متفوقة عليه بالتصويت الشعبي بأكثر من مليوني ناخب) الأميركيين عندما أطلق تغريدة ادعى فيها أنه كان سيفوز بالاقتراع الشعبي لو لم يُقدم “الملايين” من المهاجرين غير الشرعيين على التصويت. واستناداً إلى المحللين والخبراء، ليس هناك أي دليل يدعم مثل هذا الادعاء الخطير. ويبدو أن ترامب لم يدرك أن كلامه على ملايين الأصوات المزورة يعني أن فوزه في الانتخابات غير شرعي. وأخطر ما يستهدفه ترامب في تغريداته هو وسائل الإعلام التي تتجرأ على انتقاده، وفي الأسابيع الأخيرة شن حملة شرسة على صحيفة “النيويورك تايمز” وشبكة “سي إن إن”.
وقبل يومين خرج ترامب باجتهاد خطير عبر تغريدة صباحية قال فيها إن من يحرق العلم الأميركي ربما يجب أن يسجن مدة سنة أو تنزع الجنسية منه. ما لا يدركه أو ينساه ترامب هو أنه لا يمكن نزع الجنسية عن أي مواطن حتى لو خان بلده. أما حرق العلم، فقد أكدت المحكمة العليا مرارا أنه يعتبر نوعاً من أنواع حرية التعبير. يمكن القول بثقة إن عهد ترامب سوف يكون حافلاً بالمواجهات القانونية بينه وبين معارضيه الكثر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “النهار” اللبنانية